عمد المنتجون والموزعون والمستهلكون إلى الخداع وراح كل طرف يخدع ا لطرف الآخر أو يعمد إلى التهرب من سقف الأسعار المسموح به (الحد الأقصى لسعر البضاعة المطروحة) أو الأجور، أو ممارسة الأعمال الأخرى المشابهة والتي تتسم بعدم الانضباط، وكل هذا بطبيعة الحال كان موجودا لآلاف السنين قبل الثورة، لكن في محاولة لضبط كل هذا بدت القيم الأخلاقية الجديدة- أخلاق المواطنة. أنها ليست بقوة تأثير الخوف من الآلهة. أو بتعبير آخر بدت فكرة التركيز على واجبات المواطن وحقوقه أنها ليست بنفس قوة "الخوف من الآلهة".
لقد زادت الثورة من عدم الأمان في الحياة، ومن عدم الاستقرار في القوانين، فكان أن عبر الناس عن توترهم الشديد بارتكاب الجرائم، كما راحوا يبحثون عن وسيلة يلهون بها أنفسهم فوجدوا طريق القمار، واستمرت المبارزات لكنها قلت عما كانت عليه قبل الثورة. وقد منع القمار بمراسيم صدرت سنة ١٧٩١ و ١٧٩٢ ومع هذا فقد تضاعفت بيوت القمار السرية، ففي سنة ١٧٩٤ كان هناك ثلاثة آلاف محل قمار في باريس. وخلال فترة بحبوحة الطبقة العليا في سنوات حكومة الإدارة راح الرجال يراهنون بمبالغ ضخمة فخربت بيوت أسر كثيرة مع دوران العجلة (عجلة القمار) لكن في سنة ١٧٩٦ دخلت حكومة الإدارة مجال القمار بإعادة "اللوترية الوطنية Loterie Nationale" أو "اليانصيب الوطني أي على مستوى الدولة". وفي التماس طالب حي (قسم) التوليري Tuileries التابع لكومون باريس المؤتمر الوطني بإصدار قانون بمنع كل بيوت القمار والمواخير كلها (بيوت الدعارة) وساقت لذلك برهانا هو أنه: "بلا أخلاق لا يمكن أن يكون هناك قانون أو نظام، وبدون أمان شخصي لن تكون حرية".
لقد أقامت الحكومات الثورية نظاما قانونيا جديدا لشعب مستثار ومضطرب، وتركت له الحبل على الغارب، فانفلت من القيم الأخلاقية والضوابط القانونية كلها بعد انهيار المعتقد الديني وموت الملك. وكان فولتير في وقت سابق قد دعا إلى إعادة النظر في القوانين الفرنسية بشكل عام وجمع قوانين الولايات الفرنسية كلها، وعددها _ أي القوانين ٣٦٠ مجموعة وضمها معا في خلاصة واحدة محكمة لتطبيقها على فرنسا كلها. ولم يستجب أحد لهذه الدعوة فقد كانت الثورة على أشدها، وكان لا بد لهذه الدعوة أن تنتظر نابليون