للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعيدون إلى بروتس في بيته جثث أبنائه" وكانت هذه اللوحة تصور حكاية أوردها ليفي عن القنصل الروماني (٥٠٩ ق. م) ذلك القنصل الذي حكم على اثنين من أبنائه بالموت من أجل تآمرهما لعودة الملكية. وقد كانت هذه اللوحة قبل سقوط الباستيل ولم يكن لدى الرسام فيما يظهر أية فكرة عن الثورة المرتقبة، وقد منع وزير الفنون عرضها لكن الجلبة التي سببتها الجماهير ضمنت له عرضها في صالون سنة ١٧٨٩، واعتبرتها الجماهير التي أتت لرؤيتها جزءاً من الثورة، وهكذا وجد ديفيد نفسه الناطق الفني باسم عصره.

وعلى هذا فقد قدم ديفيد نفسه للثورة في زواج نادر بين السياسة والفن. لقد قبل ديفيد مبادئها ووضح أحداثها ونظم مهرجاناتها وزينها وأحيا ذكرى "شهدائها"، وعندما قتل واحد من الملكيين النائب الراديكالي ليبيلتييه دى سان فارجو Lepeletier de Saint Fargeau (في ٢٠ يناير ١٧٩٣) نذر ديفيد نفسه لإحياء ذكرى هذا المشهد، ففي غضون شهرين قدم صورة المشهد للمؤتمر الوطني الذي علقها على جدران مقره. وعندما قتل مارا (١٣ يوليو ١٧٩٣) دخلت جموع الحزانى إلى ممرات المؤتمر الوطني، وانطلق صوت من بينهم:

"أين أنت يا ديفيد؟ لا بد أن تنقل للأجيال القادمة ما حدث كما فعلت بالنسبة لليبيلتييه، فهو ومارا قد ماتا من أجل الوطن. إن عليك أن ترسم لوحة أخرى".

فوقف ديفيد وقال: "سأرسمها" وبالفعل قدم لوحة مكتملة للمؤتمر الوطني في ١١ أكتوبر. وقد أظهرت هذه اللوحة مارا وقد غطت مياه حوض الاستحمام الخاص به نصفه وقد تدلى رأسه إلى الخلف فاقداً الحياة وإحدى يديه تقبض على مخطوط وذراعه متدلية إلى الأرض، وقطعة الخشب إلى جانب الحوض موضوع عليها مخطوطة تدعو للفخر "إلى مارا ديفيد". لقد كانت اللوحة نقلة ترك فيها ديفيد أسلوبه الفني المميز. فقد حلت الحماسة المتوهجة محل الكلاسيكية الجديدة مع الواقعية. وأكثر من هذا فهذه اللوحة بالإضافة إلى اللوحة التي رسمها لليبيليتييه قد كسرتا المنحى الكلاسيكي باتخاذهما الأحداث الجارية موضوعا لهما. لقد جعلت هاتان اللوحتان الفن مشاركا في الثورة.

وبحلول عام ١٧٩٤ كان ديفيد مشهورا سياسيا حتى إنه قد تم انتخابه عضواً في لجنة الأمن العام. وقد كان من أتباع روبيسبير، ونظم ديفيد موكب مهرجان الموجود الأعظم