وهي نتائج واضحة: انتهاء النظام الإقطاعي، ليصبح الفلاحون أحراراً، ويصبح جانب منهم ملاكا. وحلت المحاكم المدنية محل المحاكم الإقطاعية وحلت ديمقراطية الملاك محدودي الملكية محل الملكية المطلقة، وحل بورجوازيو الأعمال، محل الأرستقراطية كطبقة ذات سيادة تتولى أمور الإدارة. ومع الديمقراطية أتت المساواة أمام القانون وإتاحة الفرص للجميع على سواء وحرية إبداء الرأي وحرية العبادة وحرية الصحافة (على الأقل تم الإعلان عن هذا كأمل) لكن سرعان ما قلت مقادير الحرية المتاحة بسبب التباين الطبيعي بين الناس في القدرات، والتباين بين بيئاتهم في البيوت والمدارس والثروات. ويلاحظ أن هذا التحرر السياسي والاقتصادي والتشريعي قد امتد إلى شمال إيطاليا وبلاد الراين وبلجيكا وهولندا بفضل جيوش الثورة، ففي هذه المناطق أيضا أزيح النظام الإقطاعي ولم يعد حتى بعد سقوط نابليون. ومن هنا كان الفاتحون محررين وإن لوثوا عطاياهم بما مارسوه من ابتزاز في أثناء حكم هذه المناطق.
وأكملت الثورة توحيد ولايات (محافظات) فرنسا نصف الموحدة وجعلوا منها دولة فرنسية ذات حكومة مركزية وجيش وطني وقانون يسري في جميع الولايات جميعها. وكانت وحدة هذه المحافظات في كيان واحد ناقصة قبل الثورة بسبب البارونات الإقطاعيين وضرائب الانتقال من محافظة إلى أخرى واختلاف أصول (أعراق) سكانها واختلاف تقاليدها وعملتها وقوانينها. لكن هذا التغيير فيما يشير توكفيل Tocqueville كان يسير سيرا حثيثا في ظل البوربون، فكان من المحتمل انجاز وحدة فرنسا بغير الثورة لأن التجارة على مستوى فرنسا كلها كانت بشكل متزايد تتجاهل الحدود بين المحافظات، تماما كما فرض الاقتصاد الوطني في الولايات المتحدة تقليص حقوق (الولايات) بإيجاد حكومة فدرالية كان لا بد أن تكون قوية.
وعلى النحو نفسه فإن تحرير الفلاح وصعود البورجوازية للسلطة السياسية والهيمنة الاقتصادية، كان من الممكن أن يحدث بغير الثورة، وإن كان حدوثه في هذه الحال سيكون بشكل أبطأ. وكانت الثورة في ظل الجمعية الوطنية (١٧٨٩ - ١٧٩١) معقولة ولها ما يبرر