فإن التفاوت (عدم المساواة) يزداد كثيرا في ظل الحكومات التي تؤيد الاقتصاد الحر وتدعم حقوق الملكية.
فالمساواة مبدأ مزعزع غير مستقر (توازنه غير ثابت) أي أن المساواة (بفرض وجودها) سرعان ما تنتهي إن حدث تغير في المواريث أو الصحة أو الذكاء أو الشخصية. وقد وجدت معظم الثورات أنه لا سبيل لمواجهة التفاوت "عدم المساواة" إلا بالحد من الحرية، كما في نظم الحكم الشمولية. وفي فرنسا الديمقراطية كان التفاوت (عدم المساواة) مطلق السراح ليزداد، أما المساواة فقد ذبحتها الجيلوتين guillotine (المقصلة) وفي الوقت المحدد أصبحت اتفاقا على ارتداء السراويل (يقصد المساواة من الناحية الشكلية كون الناس جميعا في فرنسا يرتدون زيا واحدا - السراويل - أو أن من حقهم ذلك).
٩/ ٣ - النتائج الثقافية
لا تزال النتائج الثقافية للثورة الفرنسية تؤثر في حياتنا. لقد أعلنت الثورة حرية الحديث والصحافة والاجتماع، حقيقة لقد جرى تقليص هذه الحريات بشدة، بل وانتهت على يد نابليون تحت ضغط الحرب، لكن المبادئ نفسها ظلت باقية وخاضت معارك متتالية لإثبات وجودها خلال القرن التاسع عشر لتصبح قابلة للتطبيق (أو إدعاء تطبيقها) في ديمقراطيات القرن العشرين. وخططت الثورة لقيام نظام وطني للمدارس ونفذت ذلك بالفعل.
وشجعت العلم ليكون بديلا للاهوت على مستوى العالم كله. وفي سنة ١٧٩١ عينت الحكومة الثورية لجنة جعلت على رأسها لاجرانج Lagrange لتضع لفرنسا الجديدة الموحدة نظاما جديدا للموازين والمقاييس فتم اعتماد النظام المتري الذي أوصت به رسميا في سنة ١٧٩٢، وصدر به قانون في سنة ١٧٩٩. وكان على هذا النظام المتري أن يناضل ليشق طريقه في المحافظات الفرنسية إذ لم يكن قد حقق النصر الكامل حتى سنة ١٨٤٠ وقد ألغي في بريطانيا العظمى الآن ليحل محله النظام الاثني عشري duodecimal system .
وبدأت الثورة بفصل الكنيسة عن الدولة لكن هذا ثبت أنه أمر صعب في دولة كفرنسا تهيمن عليها الكاثوليكية وتعتمد تقليديا على الكنيسة في تهذيب شعبها. ولم يكن هذا الفصل كاملا حتى سنة ١٩٠٥ وعاد ليضعف مرة أخرى هذه الأيام تحت ضغط أسطورة