باعتباره وطنياً فرنسيا فيما عدا بعض الجنرالات الحاقدين، واليعاقبة Jacobins الجامدين. لقد تحوّل الرأي العام الفرنسي منذ ١٣ نوفمبر بشكل حاسم لصالحه. لقد كتب السفير البروسي لحكومته في ذلك اليوم قائلاً: كل ثورة سابقة اعتراها كثير من الخوف والريبة، أما هذه الثورة الفرنسية، فعلى العكس، فقد أبهجت أرواح الجميع وأيقظت أكثر الآمال حيوية، كما شهدتُ ذلك بنفسي. وفي ١٧ نوفمبر بلغ الهبوط في البورصة أحد عشر فرنك، وفي ٢٠ من الشهر نفسه ارتفع إلى ١٤، وفي ١٢ من الشهر نفسه، ارتفع إلى ٢٠.
وعندما قدَّم سييس للقنصليْن الآخرين خطته فيما يتعلق بدستور السنة الثامنة (١٧٩٩) فإنهما سرعان ما أدركا أنَّ المولِّد السابق الذي وُلدت الثورة على يديه قد فقد كثيراً من ذلك الإعجاب الذي كان يُكنه للطبقة الثالثة أي طبقة العوام، ذلك الإعجاب الذي كان يُزكى أوار لهيب نشراته أو دفاتره الدعائية المتَّسمة بروح التحدي خلال العقد الماضي. لقد أصبح الآن متأكداً تماماً أنه ليس في مقدور أي دستور أن يحفظ الدولة لفترة طويلة إذا امتدت جذوره - وجذور الدولة معه - في إرادة غير ثابتة الاتجاه تحركها عواطف الجماهير غير المُدركة لأبعاد الأمور.
لقد كادت فرنسا في هذه الفترة تكون خالية من المدارس الثانوية، وكانت صحافتها مُمثِّلة للتحزّب والتشيّع لفئة أو أخرى مما جعلها مصدر تَعْمِية على العقل العام أكثر منها مصدر إِخْبار صحيح. وقد قصد الدستور الجديد لحماية الدولة من الجهل المنتشر من ناحية ومن الحكم الاستبدادي من ناحية أخرى. وقد تحقَّق نصف نجاح في هذا السبيل.
وقام نابليون بمراجعة سييس في بعض أفكاره التي أوردها في الدستور الجديد، لكنه بشكل عام قبل معظمها لأنه - أي نابليون - كان بدوره غير ميّال للديمقراطية. ولم يغير رأيه الذي مؤدّاه أنّ الشعب (الفرنسي) غير مؤهَّل لاتخاذ قرارات حكيمة بشأن انتخاب ممثليهم أو بشأن الأمور السياسية؛ فهم أناس تأسرهم الجاذبية الشخصية، وتخدعهم البلاغة الخطابية والكتابات الصحفية، ويُؤثِّر فيهم القُسس الذين ترفرف قلوبهم حول روما. واعتقد نابليون أن الشعب الفرنسي نفسه لابد أنه معترف بعدم مقدرته (أي مقدرة