للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفكاره الآن تتجاوز كلماته (تسبق كلماته): لكنه تعلَّم بسرعة وعمل بكل جهده داخل مجلس الدولة وخارجه وبذل كل ما يستطيع لتحليل المشكلات وإيجاد الحلول. لقد كان حتّى الآن مجرَّد مواطن قنصل Citoyen-Consul وسمح لآخرين بفرض آرائهم عليه وكان أعضاء مجلس الدولة من أمثال بورتالي Portalis وروديريه Roederer وثيباودو Thibaudeau من ذوي الكفاءة العالية، ولم يكونوا من النوع المنساق، ومع هذا فإنَّ مذكراتهم تَغُصّ بالثناء على رغبة نابليون الشديدة في الإصلاح وبذله قُصارى جهده في العمل. لنستمع إلى روديريه وهو يقول:

"أنه دقيق في كلِّ موقف، يُطيل الجلسة لخمس ساعات أو ست … ودائماً يعودُ إلى هذا السؤال: أهذا عدل؟ أهذا مفيد؟ … وهو دائماً يربط كل مشكلة بظروفها التي يعمد إلى تحليلها تحليلاً دقيقاً والحصول على معلومات بشأن فلسفة التشريعات السابقة الصادرة في أيام الملك لويس الرابع عشر وفردريك العظيم Frederick the Great … ولم يحدث أبداً أن تم تأجيل المجلس دون أن يكون أعضاؤه أكثر علماً بالأمور من ذي قبل - إذا لم يكن ذلك من خلال المعلومات التي يحصلون عليها منه، فمن خلال البحوث التي يُجبرهم على القيام بها .. وما كان يُميزه عنهم جميعاً هو قوة ملاحظته ومرونته ودأبه إنني لم أره أبداً وقد اعتراه التعب. ولم أجده أبداً وقد فقد عقله تألّقه حتّى ولو كان بدنه متعباً … أنه لا يوجد أبداً من يُكرّس نفسه كُلِّية للعمل الذي هو عاكف عليه مثله، ولم أَرَ أفضل منه في استثمار وقته وتخصيصه لإنجازِ ما يتحتَّم عليه عمله ".

في تلك الأيام كان في مقدور المرء أَنْ يُحب نابليون.

١/ ٢ - الوزراء The Ministers

وبالإضافة إلى تنظيم أمور التشريعات اللازمة لحكم فرنسا، فقد انخرط في العمل الأصعب ونعني به إدارة البلاد، لقد قسّم هذه المهام الإدارية بين ثماني وزارات جعل على رأس كل منها أكفأ من وجد من الرجال بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية وماضيهم. لقد كان بعضهم يعاقبه وبعضهم من الجيرونديين Girondins وبعضهم الآخر من الملكيين وفي حالة أو