للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حالتين سمح نابليون لميوله الشخصية بتجاوز الحد فتطغى على الاعتبارات العملية، ومن ذلك أنه عيَّن لابلاس Laplace وزيراً للداخلية، لكنه سرعان ما وجد الفلكي والرياضي الكبير وقد نقل روح التفاصيل الرياضية الدقيقة إلى الإدارة فنقله إلى السينات (مجلس الشيوخ) وأوكل وزارة الداخلية لأخيه لوسين (لوسيان) بونابرت Lucien.

لقد كان العمل الأساسي، والذي يكاد يكون متعذراً، لوزارة الداخلية هو إعادة الحيوية للكمونات communes أو المجالس البلدية، وتطويرها لإعادة قدرتها على الوفاء بديونها، باعتبارها - أي هذه الكمونات أو المجالس البلدية - هي الخلايا المكونة للجهاز السياسي. وقد عبر نابليون بنفسه عن هذه الحال في خطاب وجهه إلى لوسين (لوسيان) في ٢٥ ديسمبر سنة ١٧٩٩.

منذ سنة ١٧٩٠ وهذه الكيانات المحلية (الكمونات أو المجالس البلدية) البالغ عددها ٣٦،٠٠٠ تشبه البنات اليتيمات. لقد كانت هذه الكيانات هي وارثة الحقوق الإقطاعية القديمة، وقد أهملها وسلبها إرادتها الأمناء المفوضون الذين كانت حكومة المؤتمر الوطني وحكومة الإدارة ترسلهم. إن مناصب: رئيس البلدية والخبير التابع له. والمستشار البلدي، أصبحت بالتدريج لا تعني بشكل عام سوى أنها نوع جديد من اللصوصية. فشاغلي هذه المناصب يقطعون الطريق ويسرقون المشاة ويستولون على الأخشاب وينهبون الكنائس ويختلسون ممتلكات الكمونات .. وإذا كان لابد أن يستمر هذا النظام عشر سنوات أخرى فماذا سيحدث لمؤسسات الإدارة المحلية هذه؟ إن هذه المؤسسات لم ترث شيئاً سوى الانخراط في المناقشات، وسوى الإفلاس حتى أنها ستطلب الإحسان من السكان.

هكذا كان نابليون في نوبات غضبه، لقد كان مبالغاً بمرارة. وإن كان ما قاله صحيحا لجاز الاقتراح بأن يُسمح (بضم الياء) للكويونات باختيار موظفيها، كما هو الحال في كومون باريس. لكن نابليون لم يكن راغباً لوصول الأمور فيها إلى ما وصلت إليه في باريس. فالثورة الفرنسية - فيما يرى مؤرخ أتى بعد انقضاء أحداثها، لم تكتشف في الكومونات الأصغر (من كمومون باريس) سوى عدد قليل من الفلاحين كانوا متعلمين بدرجة كافية وكانوا مثقفين لدرجة تمكنهم من الإحساس بمعنى التكامل والصالح العام. وغالباً ما كان هؤلاء الحكام الذين تم اختيارهم محلياً - مثلهم مثل الحكام