للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاختلاس، وحرية رجال الأعمال في الاحتكار. ألم يدافع مارا Marat عن الدكتاتورية باعتبارها العلاج الوحيد لفوضى المجتمع التي ضربت أطنابها فجأة بسبب وصاية الدين والهيمنة الطبقية والأوتوقراطية الملكية، وأوصى بترك الأمور تحت رحمة إلحاح الغرائر وطغيان العامة؟ ألم تمارس لجنة الأمن العام هذه الدكتاتورية ممارسة فعلية؟ لقد آن الأوان لفرض شيء من النظام لإعادة ضبط الأمور، فهذا أمر لازم لتقوم الحرية على أساس.

أما الفلاحون فلم يكونوا بحاجة لمثل هذه الحجج ليؤيدوا الدستور الجديد، فهم يمتلكون الأراضي وقد أيدوا سراً كل حكومة تقمع اليعاقبة. وهنا وجدنا البروليتاريا في المدن يتفقون مع الفلاحين - رغم المصالح الاقتصادية المتعارضة. أما ساكنو الشقق - عمال المصانع والكتبة في المحلات والبائعون الجوالون - الذين هم مثل السانس كولت (الذين يرتدون البناطيل الطويلة أي الذين ليسوا نبلاء ولا إكليروس) وكانوا يكافحون طلباً للخبز والسلطة، فقد وجدناهم يفقدون إيمانهم بالثورة التي حلقت بهم في عنان السماء ثم هوت بهم من حالق، تاركة إياهم وقد تمزقت آمالهم، ولم يبق هناك سحر يثيرهم سوى بطل الحرب وهازم إيطاليا فهو في رأيهم لن يكون أسوأ من السياسيين في حكومة الإدارة. أما البورجوازيون - رجال البنوك والتجار ورجال الأعمال - فكيف يرفضون رجلا احترم المِلكية (بكسر الميم) احتراما كاملا وأقر مبدأ الحرية الاقتصادية؟ إنهم به (أي بنابليون) ربحوا الثورة وورثوا فرنسا. لقد كان هو رجلهم حتى سنة ١٨١٠.

وعندما أصبح نابليون واثقاً من تأييد الغالبية العظمى له طرح الدستور الجديد للاستفتاء العام في ٢٤ ديسمبر سنة ١٧٩٩ ولا ندري إن كان هذا الاستفتاء قد جرى التلاعب فيه مثل كثير من الاستفتاءات المشابهة قبل ذلك وبعده أم لا، لك الإحصاء الرسمي للأصوات يشير إلى موافقة ٣،٠١١،١٠٧ على الدستور الجديد، واعتراض ١٥٦٢.

ولما أدرك نابليون كثرة المؤيدين له، انتقل مع أسرته ومعاونيه من لكسمبرج المزدحمة إلى قصر التوليري الرحب وكان ذلك في ١٩ فبراير سنة ١٨٠٠. وكان انتقاله مصحوباً بموكب فخم يضم ثلاثة آلاف تشكيل من الجنود، وجنرالات يركبون خيولاً، والوزراء في العربات وأعضاء مجلس الدولة في مركبات كبيرة، أما القنصل الأول (نابليون) فكان في