الجيش الفرنسي حبيس في مصر يحاصره البريطانيون والأتراك (العثمانيون) وقد اقترب وقت استسلامه أو تدميره.
لقد كان الجنرال كليبر Kleber (كليبه) قائداً شجاعاً وذكياً، لكنه كان دبلوماسياً غير ناجح، ذلك أنه عندما لم يتوقع وصول نجدة شارك رجاله القنوط والجزع، إذ أصدر أوامره للجنرال ديزييه Desaix بتوقيع اتفاق في العريش (٢٤ يناير سنة ١٨٠٠) مع الترك (العثمانيين) والقائد الإنجليزي المحلي يقضي بمغادرة القوات الفرنسية أراضي مصر بسلام بأسلحتهم وأمتعتهم محتفظين بشرفهم العسكري على سفن تركية تنقلهم لفرنسا، في هذه الأثناء كان الفرنسيون (في مصر) يسلمون للترك (العثمانيين) الحصون التي كان يحتمي بها الأوروبيون (المقصود هنا: الفرنسيون) من هجمات المصريين، وعندما تم التسليم وصلت تعليمات من الحكومة البريطانية برفض شروط الإخلاء (وفقاً لاتفاق العريش الآنف ذكره) مصرَّة على أن يُلقي الفرنسيون (في مصر) أسلحتهم ويسلموا أنفسهم كأسرى حرب.
ورفض كليبر ذلك وطالب بإعادة الحصون التي كان قد سلمها، وما كان الترك (العثمانيون) ليقبلوا ذلك وتقدموا نحو القاهرة، فقاد كليبر رجاله البالغ عددهم عشرة آلاف ليواجه القوات التركية البالغ عددها عشرين ألف مقاتل قوي في سهول هليوبولس (عين شمس) ورفع من الروح المعنوية لرجاله بخطاب بسيط إنكم لا تملكون من مصر سوى الأرض التي تحت أقدامكم، فإن لم تتراجعوا سوى خطوة واحدة لضاع كل شيء وبعد معركة استمرت يومين (٢٠/ ٢١ مارس ١٨٠٠) استسلمت الشجاعة التركية (العثمانية) أمام التكتيكات الفرنسية المنظمة وعاد من بقي من المنتصرين إلى القاهرة لينتظروا مرة أخرى المدد من فرنسا.
ولم يستطع نابليون أن يُرسل لهم غوثاً لأن بريطانيا كانت تتحكم في البحر المتوسط. لكنه كان يستطيع أن يفعل شيئاً ما إزاء التقدم الناجح الذي أحرزه الجنرال النمساوي الذي نيَّف على السبعين بعام (بارون فون ميلاس von Melas) على رأس مائة ألف من خيرة الجنود النمساويين عبر شمال إيطاليا إلى ميلان. لقد أرسل نابليون القائد ماسينا Massena لوقف تقدمه لكنه هُزم ولجأ بقواته إلى حصن جنوى Genoa فترك ميلاس قوة لمحاصرته وعيَّن فصائل