للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى أن القانون في منطقة (أو محافظة أو ولاية) لم يكن ليسود في المنطقة التي تليها. وكان مرلين الدُّوي Merlin of Douai وكامباسير Cambaceres قد قدَّما الخطوط العريضة لمدوّنة قانونية جديدة موَّحدة لحكومة المؤتمر الوطني في سنة ١٧٩٥ لكن الثورة لم يكن لديها الوقت الكافي لإنجاز هذا العمل، ولأن الحكومة في ذلك الوقت كانت تواجه فوضى مربكة فقد أضافت آلافاً من القرارات والمراسيم المتسرّعة اقتضى الأمر فترةً من الوقت لتُصاغ بشكل متَّسق.

وأدى إقرار نابليون للسلام مع النمسا وبريطانيا إلى إتاحة الفرصة له لإنجاز مدوَّنته. ففي ١٢ أغسطس سنة ١٨٠٠ فوَّض القناصل الثلاثة كلاً من فرانسوا ترونش Francois Tronchet وجان بورتالي وفيلي بيجو دي بريمينو Felix Bigot de Preameneu وجاك دي مالفيل Jacques de Maleville لوضع مخطط جديد لمدوّنة وطنية متسقة تضم القوانين المدنية وأرسل نابليون مشروع المدونة كما أعدوه وقدموه في أول يناير سنة ١٨٠١ إلى رؤساء المحاكم القانونية لإبداء تعليقاتهم وملاحظاتهم، فقدَّموه بدورهم بعد إبداء الملاحظات إلى نابليون بعد ثلاثة أشهر من إحالته لهم، فأحاله إلى اللجنة التشريعية في مجلس الدول لإعادة النظر فيه، وكان على رأس هذه اللجنة التشريعية كل من بورتالي Portalis وانطوان ثيبودو Antoine Thibaudeau وبعد أن مرَّت المدوّنة القانونية بكل هذه الفحوص تدارسها المجلس كله بنداً بنداً خلال سبعة وثمانين دورة قضائية.

وكان نابليون هو رئيس المجلس في خمس وثلاثين دورة منها. ولم يكن نابليون خبيراً بالقانون لكنه استفاد من فطنة زميله في القنصلية كامباسير وتعليمه القانوني. لقد اشترك نابليون في المناقشات بتواضع لدرجة حبَّبته إلى أعضاء المجلس وجعلته موضع إعجابهم. ولقد تأثر أعضاء المجلس بحرارته وحماسه وتصميمه فوافقوا برضا على مد فترة كل جلسة من الجلسات لتمتد من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الخامسة بعد الظهر، لكنهم لم يتحمسوا عندما دعاهم للاجتماع مرة أخرى مساء، فقد حدث أن اعترى النعاسُ بعض الأعضاء من جراء التعب في هذه الاجتماعات المسائية فنبههم نابليون - بكياسة ولطف - إلى ضرورة الانتباه. هيا أيها السادة فنحن لم نتقاض رواتبنا بعد