بطيش وبلا روية، وسهولة الطلاق وتفسخ الروابط الأسرية والسماح بالانحلال الأخلاقي بين النساء، والسماح بممارستهن للشغب السياسي، وتشجيع دكتاتورية البرولتياريا والتستر علي مذابح سبتمبر والإرهاب باسم الشعب. لقد قرر هؤلاء الرجال أن يُوقفوا ما بدا لهم مدمراً للمجتمع والحكومة. وقد أيد نابليون تأييداً مطلقاً اتجاه هؤلاء الرجال رغبة منه في استقرار فرنسا في ظل حكمه. لقد اتفق معه مجلس الدولة على ضرورة إغلاق باب المناقشة على المستوى العام في مواد المدوَّنة البالغة ٢٢٨١ مادة، وفي ٢١ مارس ١٨٠٤ أصبحت هذه المدونة - واسمها الرسمي المدونة القانونية المدنية لفرنسا - هي قانون فرنسا.
٣/ ٢ - الكونكوردات The Concordat (الاتفاق مع البابا) عام ١٨٠١ م
ولم يقنع الشاب نابليون بهذا فقد كان يعرف بطبيعته القوية أن روح الإنسان لا تميل للقانون إلا قليلاً. لقد سبق له أن رأى في إيطاليا ومصر كيف أن الإنسان لا يزال في رغباته قريباً من ماضيه الأول قنّاصاً حيواناً متمرداً متحرراً. ومن عجائب التاريخ أن هذه الكائنات الحية المتفجرة (سريعة الانفعال) ظلت بمنأى عن التفسخ الاجتماعي أو بتعبير آخر لم تحطم الهيكل الاجتماعي الذي تعيش خلاله حتى الآن. أكان هذا بفضل رجال الشرطة؟ لا يمكن أن يكون الأمر كذلك لأن عدد رجال الشرطة قليل كما أنهم متباعدون (بمعنى أنهم لا يتجمعون في مكان واحد لضبطه) كما أن الميل للفوضى السياسية كامن في نصف أفراد المجتمع. فما الذي كبح انهيار البناء الاجتماعي؟
لقد انتهى نابليون نفسه - مع أنه من المتشككين في الدين skeptic - إلى أن النظام الاجتماعي قد استقر أخيراً على طبيعة هي مزاج من الحيوانية والإنسانية غُرس فيها بدقة خوف من القوى غير المنظورة supernatural powers (القوى الغيبة أو الفوقطبيعية) ومن ثم فقد راح نابليون ينظر للكنيسة الكاثوليكية كأداة مفيدة الفائدة كلها لضبط سلوك الرجال والنساء. إنها - أي الكنيسة الكاثوليكية - تعد أداة لضبط السلوك الإنساني في مواجهة تأرجحه ما بين الموافقة