والسخط إزاء التفاوت الاقتصادي والاجتماعي والجنسي. وهي - أي الكنيسة الكاثوليكية - أداة لضمان الالتزام بالوصايا الدينية التي تقاوم متطلبات الجسد.
فإذا كان يستحيل وضع رجل بوليس في كل مكان، فالآلهة موجودة في كل مكان، وكل ما هو أكثر مدعاة للرعب (من البوليس) موجود، وهو أكثر مدعاة للرعب لأنه غير مرئي ويمكن مضاعفة كم الرعب عند الرغبة أو الحاجة عن طريق الموجودات الغامضة وبالوعظ العنيف والتهديد الشديد بالثبور وعظائم الأمور التي ستصبها الآلهة أو قوى الرهبان القابعين في الصحراء أو الأماكن النائية والقادرين على توجيه طلباتهم إلى الآمر الناهي المبقي على النجوم والبشر والقادر على تدميرهم. يا له من تصور سامٍ! يا له من تنظيم لا يُضاهى بمدى انتشاره ومدى مفعوله! يا له من نظام يدعم - بلا مقابل - المعلمين والأزواج والآباء ورجال الدين والملوك!. لقد انتهى نابليون إلى أن الفوضى والعنف اللذين سببتهما الثورة قد آن وضع حد لهما وما عاد هناك مجال للحديث عن رفض الدولة للكنيسة. لقد قرر إعادة الارتباط بين الدولة والكنيسة بقدر ما يستطيع أن ينتزع ذلك من مخالب اليعاقبة المرعبين والفلاسفة المستميتين.
لقد كان الدين في فرنسا في سنة ١٨٠٠ في حالة تسيب مضطربة ولم يكن هذا بعيداً عن التسيب الأخلاقي الذي خلفته الثورة. لقد أصبح هناك أقلية كبيرة في المحافظات - وربما أغلبية أهل باريس - غير مبالين بمواعظ القسس. وكان هناك آلاف من الفرنسيين - فلاحين ومليونيرات - قد اشتروا من الدولة ممتلكات الكنيسة المصادرة. وكان هؤلاء المشترون قد جرى حرمانهم من رحمة الكنيسة، وكان الناس الذين يرون فيهم مشترين لممتلكات مسروقة ينظرون إليهم بعيون غير راضية. وكان في فرنسا في ذلك الوقت ثمانية آلاف قس نشط، منهم ألفان دستوريون أي من الذين أقسموا بيمين الولاء لدستور سنة ١٧٩١ الذي أقر مصادرة ممتلكات الكنيسة، أما الستة آلاف فكانوا قسساً غير معتمدين أو بتعبير آخر غير دستوريين لرفضهم الثورة وعملهم على إبطال إجراءاتها، وكانوا قد أحرزوا تقدما في مسارهم هذا.
فقد عمل النبلاء الذين لم يغادروا فرنسا إثر أحداث الثورة وكذلك كثيرون من أفراد الطبقة البورجوازية على إعادة المكانة للدين كحصن لضمان المِلكية