(بكسر الميم) والنظام الاجتماعي. وكثيرون من هؤلاء - رغم أن بعضهم كان سليل الثورة ومنتمياً إليها - أرسلوا أولادهم إلى مدارس يديرها - أو يُدرّس فيها - قسس وراهبات فهم (وفقاً لما يعتقدونه) يعلمون أكثر مما يعلم المدرسون الذين لا يرتدون الطيلسانات (عباءات رجال الدين) وهم الأقدر على تنشئة أبنائهم ليكونوا محترمين وبناتهم ليتصفن بالحياء. لقد أصبح الدين سائدا في المجتمع وفي الآداب، وسرعان ما أصبح كتاب شاتوبريان christianisme (١٨٠٢) المرسوم باسم عبقرية المسيحية والذي يكيل فيه المديح للمسيحية - حديث الناس في هذا الوقت.
وقرر نابليون - في مسعاه لتدعيم حكمه الذي لا جذور له - الاستعانة بدعم الكنيسة الكاثوليكية الروحي والتنظيمي، وقد أدى هذا الاتجاه إلى تهدئة منطقة الفندي الثائرة وأسعد القاطنين في الدوائر (المحافظات) والستة آلاف قس آلآنف ذكرهم. إن نابليون بهذا يمكنه أن يضيف لرصيده تأييد البابا الأخلاقي (المعنوي) والروحي، وهو - بهذا - إنما يسحب البساط من تحت أقدام المطالبين بعودة أسرة البوربون، وهو أيضاً - بهذا - يحفظ العداء المستحكم بين فرنسا - وبينه شخصياً - وكل من بلجيكا وبافاريا والنمسا وإيطاليا وأسبانيا وهي كيانات كاثوليكية. لذا فإنني بكل ما لدي من سلطة .. أُعيد ترسيخ الدين. إنني أجعل منه الأرضية والأساس اللذين أبني فوقهما. لقد اعتبرته دعماً للمبادئ الصحيحة والأخلاق الصالحة.
وقد قاوم اللاأدريون agnostics في باريس (القائلون بأن أمور الغيب لا سبيل للتيقن منها) وكاردينالات روما خطة نابليون هذه، فكثيرون من رجال الدين قاوموا التصديق على أي اتفاق، يتساهل بشأن الطلاق أو يُبطل دعاوى الكنيسة الفرنسية في أحقيتها في أملاكها المصادرة. واعترض كثيرون من اليعاقبة Jacobins على جعل الكاثوليكية ديناً رسمياً للأمة تحميه الحكومة وتنفق عليه، وكان من رأيهم أن مثل هذا القرار إنما هو تخلٍ عما اعتبروه أهم إنجاز من إنجازات الثورة الفرنسية، ألا وهو فصل الدولة عن الكنيسة.
أما بالنسبة للكاردينالات ورجال الدين الذين عارضوا مشروعه فقد أرهبهم مُهدداً أنهم إذا رفضوا مشروعه فإنه سيحذو حذو هنري الثامن في إنجلترا وسيفصل الكنيسة الفرنسية فصلاً كاملاً