لقد كان نابليون يعتقد أن من يهددون سلطانه ليسوا هم الملكيين أو اليعاقبة وإنما الجنرالات الغيورين الذين يقودون الجيش الذي يعتمد عليه في المقام الأول لدعم سلطانه. لقد عبَّر هؤلاء الجنرالات علناً عن سخطهم: مورو وبيشجرو Pichegru، وبيرنادوت Bernadotte ومورا Murat وماسينا، ففي مأدبة غداء دعا إليها مورو أدان بعض الضباط نابليون واصفين إياه بأنه مغتصب ووصفه الجنرال دلما Delmas بأنه غول مجرم وكتب كل من مورو، وماسينا، وبيرنادوت طلبا لرفعه إلى نابليون مفاده أن يكتفي بحكم باريس وضواحيها، وأن يقسِّم بقية فرنسا بينهم مخولاً كل واحد منهم سلطة مطلقة على المنطقة (أو الإقليم) الذي يحكمه وعلى أية حال فإن أياً منهم لم يأخذ على عاتقه تسليم هذا الاقتراح للقنصل الأول. وكان بيرنادوت قائد جيش الغرب في رين Rennes على شفا التمرد أكثر من مرة وفقد أعصابه. وقد قال بونابرت:
"إذا حاقت بي هزيمة فسيكون الجنرالات هم أول من يتخلى عني ".
ويجب أن نفسر خطاب نابليون الذي لا يحمل طابعاً حربياً أمام مجلس الدولة في الرابع من مايو سنة ١٨٠٢ دون أن نضع هذه الخلفية العسكرية التآمرية في اعتبارنا، بمعنى أنه في خطابه هذا لم يكن يشير بشكل أو بآخر إلى تآمر العسكريين عليه:
"في كل البلاد تنحني القوة أمام الحضارة: تنحني الحربة أمام القس … وأمام من هو أكثر علماً … فما كانت الحكومة العسكرية لتقبض على زمام الأمور في فرنسا لولا أن الأمة قد عانت من الجهل طوال خمسين عاما مما جعلها متوحشة قاسية الفؤاد … وإذا كان لنا أن نستخلص من علاقات أخرى لأدركنا أن الرجل العسكري لا يعرف قانوناً غير القوة ولا شيء سواها … أما الرجل المدني (المتمدن) فعلى العكس لا يرى سوى ما هو صالح. أن شخصية الرجل العسكري تجعله يُملي إرادته أو بتعبير آخر إذا أراد إذا أراد طغى بغية تحقيق إرادته، أما الرجل المتمدن فهو يطرح كل الأمور للمناقشة ويعرضها على العقل ويبسطها بين يدي الحقيقة، غالباً ما يغلِّف الخداع ذلك كله، ولكنه يُلقي مع ذلك ضوءاً … إنني لا أتردد في أن أعزو السمو والفضل للرجل المتمدن بشكل لا يقبل الجدل .. إن الجنود هم أبناء