للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفعل نابليون كل ذلك؟ ألم يُعِد لفرنسا دينها الذي قمع الشغب الوثني الذي أطلقته الثورة من عقاله؟ ألا يستحق - مثل شارلمان - التاج مدى الحياة؟

لم يكن أوغسطس ولا شارلمان يؤمنان بالديمقراطية ولم يكونا لِيُخْضِعا أحكامهما المصقولة الحكيمة وسياساتهما بعيدة النظر وخططهما المستقبلية لنقد ممثلي الجماهير الساذجة المتسم بالميل للأسفاف ومناقشاتهم غير المجدية لكونهم عُرضة لقبول الرشاوى. لقد عرف قيصر وأوغسطس الديمقراطية الرومانية في أيام شراء أصوات الناخبين مع أيام ميلو Milo وكلوديوس Clodius، وما كان لهما أن يحكما توصية من جماهير لا عقل لها. لقد شهد نابليون الديمقراطية الباريسية في سنة ١٧٩٢ وشعر أنه لا يستطيع أن يقرر (ويعمل) باسم الجماهير الملتهبة عواطفها. لقد آن الأوان لطي صفحة الثورة وتعزيز مكاسبها الأساسية وإنهاء الفوضى والقلق والحرب بين الطبقات.

والآن بعد أن طارد أنصار الملكية بأحكام الإعدام، أصبح مُستعداً لقبول دعواهم الرئيسية التي مؤدّاها أنّ فرنسا ليست مستعدّة - عاطفياً أو عقلياً - لحكم نفسها بنفسها (المقصود ليست مستعدة للحكم الديمقراطي) وأن شكلاً من أشكال الحكم الفاشستي أمرٌ لا مفر منه. وفي سنة ١٨٠٤ - وفقاً لما ذكرته مدام دي ريموزا Remusat بدأ أشخاص مُعيَّنون مُرْتبطون على نحو ما بالأمور السياسية يؤكدون أن فرنسا تشعر بضرورة حق السلطة في الحكم المطلق. ورأى السياسيون من الحاشية والمؤيدون للثورة أن استتباب الهدوء في البلاد يعتمد على حياة فرد واحد وراحوا يناقشون عدم استقرار نظام القنصلية. لقد مالت آراء الجميع شيئاً فشياً إلى الملكية. واتفق نابليون معهم، فقد ذكر لمدام ريموزا أن الفرنسيين يحبون الملكية وكل زخارفها.

وعلى هذا، فإنه ليبدأ الطريق إليها، قدَّم للفرنسيين كل زخارف الملكية (بهارجها الخارجية) فأمر القناصل بارتداء زى رسمي وكذلك الوزراء وأفراد الحكومة الآخرون. وشاع استخدام المخمل في صنع هذه الملابس، وكان هذا في جانب منه لتشجيع صُنّاع المخمل في ليون. وجعل نابليون في خدمته الشخصية أربعة جنرالات وثمانية معاونين وأربعة مديرين