وللشرطة اثنين من السكرتيرين. وشهدت المحكمة القنصلية بروتوكولات معقدة، وفُرِض فيها نمطُ سلوك خاص (اتيكيت) يضارع ما كان في العهد الملكي. وعُيّن الكونت أوجست دي ريموزا قيِّما على المراسم، بينما أصبحت زوجته كلير Claire على رأس أربع سيّدات لمرافقة جوزيفين
وأضاف الخدم ذوو الملابس المزركشة والمركبات المزدانة مزيداً من التعقيد للحياة الرسمية. وقد راعى نابليون كل هذه المراسم أمام الجماهير أما عندما يكن بعيداً عن عيون العامة فإنَّه يجنح إلى بساطته التي اعتاد عليها. وعلى أية حال، فإنّه كان يبتسم ابتسامة الرضا والموافقة في مهرجانات البلاط وعندما يرى الملابس التنكرية في الكرنفالات وعند قيامه بزيارات رسمية للأوبرا حيث تعرض زوجته عباءاتها (الغالية) مذكِّرة بأميرة أخرى مُسْرفة ماتت مؤخراً ميتة تثير الشفقة. لقد دلَّلته باريس كما دلّل هو جوزيفين، ومع ذلك فلم يكن نابليون هذا الحاكم الشاب لينخرط في الأناقة المتكلَّفة والمظاهر الكاذبة فما كان لمن جمع بين إهابة روح أوغسطس الإدارية وانتصارات قيصر ليفعل ذلك. لقد بدا من الطبيعي أن يصبح نابليون إمبراطوراً.
ومن الغريب أن نقول أن كثيراً من الجماعات سمعت - بلا امتعاض - الإشاعات التي مؤدّاها أنه على وشك أن يتوَّج. لقد كان هناك حوالي ١،٢٠٠،٠٠٠ فرنسي قد اشتروا من الدولة ممتلكات صادرتها من الكنيسة أو من المهاجرين الذين تركوا فرنسا إثر أحداث الثورة. وهؤلاء كانوا يرون أنه لا ضمان لسندات ملكيتهم خير من منع عودة البوربون ورأوا في استمرار سلطة نابليون خير ضمان لمنع وقوع كارثة بسلبهم ما اشتروه. وكان الفلاحون يفكرون على النحو نفسه، أما البروليتاريا فكانت منقسمة إذ كانت لا تزال مغرمة بالثورة باعتبارها - إلى حد كبير - من عملها لكنها أيضاً كانت مرتاحة للتوظيف الثابت والأجور الطيبة الذين أتاحهما الحكم القنصلي.
بالإضافة إلى أن أفرادها لم يكونوا بعيدين عن الإحساس بالعظمة أو مستثنين من الإحساس بفتنة الإمبراطورية وسحرها، وربما كانوا في هذا يفوقون كل أولئك الذين ناضلوا من أجل فرنسا. أما البورجوازية فكانت متشككة في الأباطرة إلاّ أن هذا الإمبراطور المرتقب (نابليون) كان هو رجلهم المخلص والنشط. وكان المحامون الذين نشئوا في أحضان القانون الروماني في غالبهم ميّالين إلى تحويل فرنسا