الكاتدرائية تكاد تكون مُمتلئة عن آخرها بالمدعوِّين من المدنيين إلاّ أن الجنود تمكنوا من إفساح الطريق لهم للوصول إلى أماكنهم المخصَّصة سلفاً. وفي التاسعة صباحاً تحرك موكب البابا من جناح دي فلور في قصر التوليري:
وعند الكاتدرائية ترجَّل الجَمْعُ الجميع وساروا في صف وصعدوا الدرجات إلى صحن الكاتدرائية وتوجَّهوا بين صفوف الجنود الشّداد إلى أماكنهم المحدّدة - البابا على عرشه إلى يسار مذبح الكاتدرائية.
وفي هذه الأثناء ومن مكان آخر من قصر التوليري انطلق موكب المركبات الإمبراطوري: في البداية، مارشال مورا Murat محافظ باريس، والعاملون معه، ثم بعض الأفواج العسكرية المميزة، ثم مركبات تجرُّ كلَّ واحدة منها ستة خيول، فيها: المسئولون القياديون في الحكومة، ثم مركبة أخوة نابليون وأخواته ثم المركبة الإمبراطورية مزركشة بشعار النبالة الحرف N تجرها ثمانية خيول وتحمل الإمبراطور (نابليون) في حلة مخملية أرجوانية مطرزة بالجواهر والذهب، والإمبراطورة (جوزيفين) في قمة تألّقها وجمالها (غير القائم على أساس متين) في فستان من حرير وهي تضوي بالجواهر، وقد أتقنت تجميل وجهها فبدت في الرابعة والعشرين بينما هي في الواحدة والأربعين، ثم عربات ثمان أخرى تحملن سيدات البلاط وموظفيه. واستغرق وصول هذه المركبات جميعاً للكاتدرائية ساعة. وهناك غَيَّر نابليون وجوزيفين ملابسهما ولبسا ملابس التتويج واتخذا مكانهما على يمين المذبح، وجلس هو على عرش، وهي على عرش أصغر من عرشه وأدنى مكانة منه بثمانية درجات.
وصعد البابا إلى المذبح وركع نابليون وجوزيفين على رُكبهم أمامه، فقام البابا بدهنهما بالزيت وباركهما. ونزل الإمبراطور والإمبراطورة الدرجات حيث الجنرال كلرمان Kellermann واقفاً حاملاً صينيّة عليها تاج، فتناوله نابليون ووضعه فوق رأسه، ثم ركعت جوزيفين أمامه بتواضع وولاء فوضع تاجاً من ماس فوق شعرها المحلّى بالجواهر - برقّة واضحة. ولم يُثر كل هذا دهشة البابا لأنه كان مرتباً سلفاً، عندئذ قبَّل الحَبْرُ (البابا) نابليون فوق