للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يعنهم أن يصلحوا الأرض أو أن يحرصوا عليها حرصاً حقيقياً مادام من الجائز أن تؤول إلى سواهم بعد حين قصير، وانتهت التجربة بالعودة إلى الملكية الخاصة، مع مد الحكومة الفلاحين بالمال في فصل الربيع ليتمكن الفلاحون من سد نفقات البذر والحصاد (٣٣)، ومع هذه المعونة المالية لم تكن حياة الفلاح على درجة من اليسر تحلل قواه، فلا تزيد مزرعته على شريحة ضئيلة من الأرض، لأن الميل المربع- حتى في ذلك العهد الإقطاعي- كان مورد رزق لألفي رجل (٣٤) وكان على الفلاح أن يسخر في عمل للدولة مدى ثلاثين يوماً كل عام، كان من الجائز خلالها أن يلاقي حتفه بطعنة رمح عقاباً له على لحظة واحدة تراخى فيها عن العمل (١)، وكانت تقتضيه الحكومة ستة في المائة من محصوله ضريبة وغيرها من القروض، كان ذلك في القرن السابع، أما في القرن الثاني عشر، فكانت تقتضيه سبعة في المائة، وأربعين في المائة في القرن التاسع عشر (٣٧)، وكانت آلاته الزراعية غاية في بساطتها، وثيابه هلاهيل خفيفة في الشتاء، وهو في العادة لا يلبس شيئاً قط في الصيف، وكل أساسه في المنزل قدر للأرز وقليل من الأقداح وبضعة ملاعق خشبية، وداره من الضآلة بحيث يكفي نصف أسبوع لبنائها (٣٨) ذلك لأن الزلازل تحطم له كوخه حيناً بعد حين، أو تقضي عليها المجاعة، وإذا عمل أجيراً عند رجل آخر، حددت له الحكومة- في عهد توكوجاوا- ما يستحق من أجر (٣٩)، لكن تحديد الحكومة للأجور لم يمنع هبوطها هبوطاً فظيعاً؛ وتجد في كتاب لـ "هوكوكي"- وهو من أشهر كتب الأدب الياباني- وصفاً لطائفة من الكوارث


(١) كان يسمح لهم خلال شهري يوليو وأغسطس أن يقيلوا في الظهيرة من منتصف النهار إلى الساعة الرابعة؛ وكانت الدولة تقوم على إطعام العمال المرضى، وعليها كذلك أن تعد الأكفان لمن يموت إبان السخرة.