بولندا واقعاً في أيدي الروسي والبروس، وكان الوطنيون البولنديون قد أرسلوا يناشدون نابليون القدومَ لتحرير بلادهم التي كانت في وقت من الأوقات ذات سيادة - تحريرها من العبودية المخزية. وعلى أية حال، فقد كان هناك جيش روسي جيد التسليح مكون من ٨٠،٠٠٠ مقاتل يتمركز غرب فيستولا Vistula بقيادة كونت ليفين بنيجسن Levin Bennigsen وكان يستعد لتحدي أي تدخل فرنسي في بولندا. وكان الجيش الفرنسي الذي لم يكن قد تخلّص تماما من آثار معركة يينا غير شغوف بخوض غمار معركة من أجل بولندا لأن رجاله لم يكونوا معتادين على البرودة الكئيبة في منطقة البلطيق فقد كانوا يرتجفون لاقتراب الشتاء ويتوقون العودة إلى بلادهم.
وفي هذه الأثناء قَدِم من باريس إلى برلين وفد مفوّض هدفه الظاهري هو تهنئة نابليون لانتصاراته الباهرة، لكن الحقيقة أنه أتى ليتوسّل إليه ليعقد سلاماً ويعود لفرنسا التي بدأت ترى في كل انتصار نابليوني ما يحتم مزيداً من الحروب الكثيرة التي قد يكون في أحدها مخاطرة بكل ما تمَّ تحقيقه من انتصارات، فأخبر الوفد أنه لا يستطيع أن يتوقف الآن، فلابد من مواجهة التحدي الروسي، وأن حصار إنجلترا (المقصود هنا حصار فرنسا لإنجلترا) سيفشل إذا لم تنضم روسيا للخطة الفرنسية مُجبرةً أو مُداهنة. وأمر نابليون جيشه بالتقدم في المناطق البولندية التي تسيطر عليها بروسيا ولم يلق في تقدمه مقاومة عاجلة، وفي ١٩ ديسمبر سنة ١٩٠٦ دخل نابليون وارسو Warsaw (فرسافا) دون عائق وسط مظاهر الترحيب.
كل الطبقات في بولندا من النبلاء الذين كانوا لا يزالون توَّاقين للتحرّر، إلى الفلاحين الذين كانوا لا يزالون يعانون من مآسي عبودية الأرض serfdom (القِنانة) .. كلهم اتفقوا في النظر إلى نابليون كأعجوبة سيُبطل تقسيم دولتهم إلى ثلاثة أقسام قسم لروسيا وآخر لبروسيا وثالث للنمسا، وسيجعل بولندا مرة أخرى دولة ذات سيادة، ورد نابليون استحسان البولنديين له بالثناء على الأمة البولندية وامتدحها وبالثناء على أبطالهم ونسائهم (اللائي كن يتحدث الفرنسية بلكنة جذَّابة فيها صفير)
وقد انتقى نابليون منهن واحدة هي الكونتيسة ماري لاكزينسكا فالفسكا Laczynska Walewska ودعاها لسريره وقلبه. وكانت مُناشدته إيّاها - قبل أن يذوق عَسِيلتها وبعد أن ذاقها - مُفعمة بالعاطفة ومتسمة