على أجسادهم، نشأت مشاهد لا تستطيع العين أن تراها .... ومن لم يكن له كسب يشتري به القوت، هدم داره ليبيع أجزاءها في السوق، وقيل إن الحمل يحمله الرجل بكل طاقته، لم يكن ثمنه ليكفي سد رمقه يوماً واحداً، والعجب أنك كنت ترى في هذا الحطام من أخشاب المنازل، الذي كانوا يبيعونه وقوداً للنار، قطعاً مزدانة في بعض أجزائها بالألوان أو بالفضة أو بطلاء الذهب … وشيء آخر يستثير في النفس أشد أحزانها، وهو أنه إذا كان ثمة رجل وامرأة يربط بينهما رباط الحب الشديد، فالذي كان منهما أقوى حباً من الآخر، وأعمق ولاء، يموت قبل زميله؛ وعلة ذلك أن الواحد منهما يؤثر غيره على نفسه، فالذي يشتد حبه يقدم لمحبوبه- رجلاً كان أو امرأة- أي شيء يطلبه منه، فكان الوالدون بطبيعة الحال يموتون قبل أبنائهم؛ كذلك كنت ترى الرضع أحياناً عالقين بأثداء أمهاتهم، لا يعرفون أن هؤلاء الأمهات قد فاضت أرواحهن … وبلغ عدد الموتى في كيوتو الوسطى خلال الشهرين الرابع والخامس وحدهما ٣٠٠ ر ٤٢ من الأنفس البشرية (٤٠).
قارن هذه الفترة الفظيعة التي تخللت مجرى الزراعة، بالصورة التي يقدمها لنا "كيمفر" ساطعة عن الصناعات اليدوية في اليابان كما رآها في كيوتو سنة ١٦٩١.
"كيوتو هي المستودع العظيم الذي تخزن فيه كل المنسوجات والسلع اليابانية، وهي المركز التجاري الرئيسي في الإمبراطورية؛ فتكاد لا تجد في هذه العاصمة الكبرى منزلاً واحداً لا يصنع فيه شيء أو يباع شيء؛ فالناس هاهنا يُصفّون النحاس ويسكون النقود ويطبعون الكتب ويطرزون أفخر المنسوجات بزهور الذهب والفضة. وهاهنا كذلك تصنع أحسن صنوف الصبغة وأندرها، وأروع النقوش فناً، وكل ضروب الآلات الموسيقية والصور والخزانات اليابانية، وشتى الأشياء التي تصاغ من الذهب وغيره من المعادن، وخصوصاً