عدا يوجين) كان ذا نزعة فردية وله أفكاره الخاصة ورغباته - وكان نابليون أيضاً كذلك فقد كان يفكر في سلطته أولاً، ووضع قوانين ممتازة إذا قورنت بالنظام الإقطاعي الذي كان قد أصبح عديم الجدوى، لكنه - أي نابليون - تجنَّب فحوى هذه القوانين وخفف من وطأتها بمزايا عسكرية ومالية فرغم أنه حطّم الإقطاع إلاّ أنه أقام إقطاعاً آخر خاصاً به - ظناً منه أن بمنحه إقطاعيات لإخوته وأخواته أصبحوا تابعين مُطيعين له يقدمون له المجندين إلزاماً وفقاً لحاجته في الحروب، ويقدمون له الضرائب في السلم. وقد دافع عن فكرته شارحاً أن كل المناطق - تقريباً - التي يحكمها بهذه الطريقة قد فُتحت عُنوة (تم إخضاعها بالقوة العسكرية) ومن ثم فأهلها رعايا لقانون الحرب وهم سعداء لخضوعهم لقوانين فرنسية حديثة وإمبراطور متنور هو بالنسبة لهم بمثابة أب. أما بالنسبة لأسرته فقد لخص الأمر بطريقة حزينة عندما كان في سانت هيلينا St. Helena:
" إنه لمن المؤكد أنني بائس فليس هناك من يخلفني في أسرتي، أو بتعبير آخر ليس لي ظهير منهم .. لقد قيل الكثير عن قوة شخصيتي، لكنني ضعيف وأستحق التوبيخ بسبب أسرتي، وكل أفرادها واعون بذلك. فبعد انتهاء العاصفة الأولى ضدي، كان إلحاحهم عليَّ لا ينتهي وفعلوا معي ما يشتهون (تصرفوا وفقاً لأمزجتهم). لقد أخطأتُ خطأ كبيراً بسماحي لهم بذلك. لقد كنتُ أثق في أحكامهم، وكان يمكننا أن نسير سوياً حتى إلى القطبين فتهاوى كل شيء أمامنا. لقد كان علينا أن نُغيّر وجه البسيطة.
لم يكن لدي حظ جنكيز خان فقد كان لديه أربعة أبناء لا هَمَ لهم إلاّ خدمته بإخلاص. إنني إذا ما جعلتُ من واحد من إخوتي ملكاً فإنه سرعان ما يظن أن العناية الإلهية هي التي جعلته ملكاً، وتنتقل هذه العبارة على نحو مرضىِّ للآخرين. فلا يعود هذا الذي عينته ملكاً قائداً يمكنني أن أوليه ثقتي وإنما يصبح عدواً جديداً عليَّ أن آخذ حِذْري منه إذ تغدو أعماله وجهوده سائرة في طريق تأكيد استقلاله، لا لدعم أعمالي .. ثم إنهم بالفعل راحوا ينظرون لي بعد ذلك كعقبة في سبيلهم .. يا للبؤس! وعندما استسلمتُ كان عَزْلهم عن عروشهم مسألة تلقائية، لم يعمل لها الأعداء حساباً بل ولم يشغلوا بها فكرهم، ولم يستطع واحد منهم إثارة حركة شعبية، لقد كانوا محتمين بجهودي، لقد ذاقوا حلاوة الملك، أما الأعباء فقد تحملتُها وحدي".