فحوى بعض الأحداث إلاّ بعد وقوعها) سواء فيما يتعلق بحُكمه على الرجال أم بتقويم النتائج وحسابها. وربما كان يعرف أن جوزيفين لا يمكن أن تتحمّل شهراً من العِفّة (لا يمكن أن تصون عفّتها لمدّة شهر) وإن ماري لويز لا يمكن أن تَشُد النمسا إلى السلام. وكان يظن أنه أسعد القيصر اسكندر في تليست وإيرفورت بينما كان القيصر يخدعه ببراعة بمساعدة تاليران.
لقد أخطأ بتوسيع نطاق العداوة لبريطانيا في سنة ١٨٠٢ بمد سلطانه - بجسارة - على بيدمونت ولومبارديا وسويسرا. وقد أخطأ عندما نصَّب إخوته على عروش أكبر بكثير من عقولهم، وأخطأ عندما تصوّر أن الدول الألمانية في كونفدرالية الرَّاين ستخضع للسلطة الفرنسية ولن تفلت منها إذا واتتها الفرصة، وأخطأ بنشره وثيقة تُظهر نواياه في غزو تركيا، وأخطأ (كما اعترف في وقت لاحق) بتشتيت جيشه الأساسي (الجيش العظيم Grand Army) في أسبانيا. وأخطأ بغزوه روسيا الشاسعة أو ببقائه فيها حتى اقتراب الشتاء. ومع أنه كان متفوقاً على كثيرين إلاّ أنه كان كطبيعة الأشياء - كما قال - عرضة للمفاجآت ولأوهان المرض وتناقُص السلطة. لقد قال:
"لقد فكرت في كثير من الخطط لكنني لم أكن أبداً حراً مطلق اليد في تنفيذ واحدة منها. فكل ما في الأمر أنني كُنت أمسك المِقْوَد (الموِّجه) بيد ثابتة قوية، لكن الأمواج كانت أقوى، الحقيقة أنني لم أكن أبداً سيّد نفسي، لقد كانت الظروف دائما هي التي تحكمني ".
وعلى سبيل التخيّل أذكر الآتي. لقد كانت روح نابليون ساحة معركة بين ملاحظة حادة تضيء طريق العقل وتبث الحياة في خيال تتوجه الرومانسية أو حتى الخرافة. فعندما ذهب بحملته إلى مصر أخذ معه كثيراً من كتب العلوم وكثيراً من الكتب العاطفية أو الخيالية ومنها كتاب روسو " La Nouvelle Heloise" وكتاب جوته " Werther" وكتاب ماكفرسون Macpherson "Ossian" وقد اعترف نابليون - في وقت لاحق - أنه قرأ كتاب جوته (Werther) سبع مرّات، وفي خاتمة المطاف خَلُص بأن الخيال يحكم العالم وعندما أوصلته الظروف إلى مصر استغرق في أحلام الاستيلاء على الهند وخوض الحروب في الشام، وتصوّر نفسه يغزو القسطنطينية بحفنة رجال ومن ثم يتجه إلى فيينا وكأنه