لقد كان مبدأه الأول في حالة حدوث أمور طارئة غير متوقّعة هو مواجهة العدو حالاً وبأقصى سرعة مهما كان الوقت؛ نهاراً أم ليلاً. وكانت تعليماته الدائمة لبوريين Bourrienne (سكرتيره): "لا توقظني من نومي إن كان لديك أخبار طيبة تريد أن تُفضي بها إليّ، ففي هذه الحال لا مبرّر للعجلة، لكن إن كان لديك أخبار سيئة فأيقظني على الفور، ففي حال الأخبار السيئة يجب ألاّ نُضيّع لحظة واحدة".
وقد اعترف نابليون أنه رغم كل هذا الاحتياط وبُعد النظر إلاّ أنه فوجئ ببعض الأحداث غير المتوقعة لكنه كان يتباهى بقدرته على التفكير الواضح والعمل الحاسم والمؤثر عقب استيقاظه من نومه فجأة وقد حاول أن يُحصِّن نفسه ضد المفاجأة وأن ينتهز المناسبة بسرعة، وكان يكرر دوماً قوله:"ليس هناك إلاّ خطوة واحدة بين النصر والهزيمة".
وكان حُكمه على الرجال عادة عميقاً كحساباته للوقائع والأحداث، فلم يكن ينخدع بالظواهر أو الاحتجاجات، فشخصية المرء - فيما يرى - "لا تظهر على وجهه إلاّ إذا صار كبير السن، وغالباً ما يُخفى الحديث بالقدر الذي يُفصِحْ". لقد أخضع نابليون نفسه للدراسة على نحو متواصل وخَلُص إلى أن:"كل الرجال وكل النساء تحرُّك مصالِحُهم الذاتية أفعَالهم الواعية". ومع أنه - أي نابليون - قد حظي بإخلاص شديد مجرّد من المصالح الذاتية (من ديزيه ولان ومينيفال ولا كاس … from Desaix، Lannes، Meneval، l'Empereur!) ومن أولئك الجنود الذين كانوا يهتفون وهم يحتضرون: عاش الإمبراطور) إلاّ أنه لم يستطع أن يتخيّل وجود هذا النوع من الإخلاص الذي لا ينطوي على مصالح ذاتية أو بتعبير آخر لم يستطع أن يُقنع نفسه بوجود شيء اسمه إنكار الذات فوراء كل كلمة وخلف كل فعل مَدْروس مقصود لم يكن يرى سوى سيطرة الأنا سيطرة لا تهمد - طموح الرجال الأقوياء وخوف الرجال الضعفاء، وتفاهة النساء أو خِداعهن. لقد كان نابليون يبحث في كل شخص عن العاطفة المتحكمة فيه أو نقطة ضعفه، ليلعب على أوتارها ويطوّعها لأغراضه الإمبراطورية.
ورغم كل حيطته وحذره وتوقعاته إلا أنه وقع في أخطاء متباينة تبايناً شديداً (لم يدرك