وتوجهاته ليتفاعل مع جوهر أيامه، ففي برين قال:"حتى عندما لم يكن أمامي شيء محدد لأقوم به، فإنني كنت أشعر دائماً أنني لا يجب أن أضيع الوقت"، وإلى جيروم Jerome في سنة ١٨٠٥ وجه حديثه قائلا: "إنني لا أدين إلاّ لقوة الإرادة والشخصية والقدرة على التنفيذ والجسارة"، فالجرأة كانت جزءاً من إستراتيجيته، وكان يستغل عامل الوقت فكان يواجه عدوه بسرعة إجراءاته، وأفعاله الحاسمة في وقت لا يتوقَّعونه وفي مكان لا يتصوَّرون حدوث المواجهة فيه. لقد كان يقول:"إن هدفي هو الوصول للهدف مباشرة دون أن أسمح لأي اعتبار أن يوقفني"،
لكنه استغرق عقداً من الزمن ليتعلم الحكمة القديمة التي مؤداها أنه في السياسة يعتبر الخط المستقيم هو أطول مسافة بين نقطتين.
وفي بعض الأحيان كان الهوى يُفسد أحكامه ومسلكه ويُشكل حاجزاً بينه وبين الرؤية الصحيحة. وكان نفاذ الصبر (قصير البال كما أنه قصير البدن)، وكلما اتّسع سلطانه زاد نفاذ صبره (قلّ طول باله). لقد كانت ضراوة أهل كورسيكا وحرارتهم تسري فيه مسرى الدم، ورغم أنه عادة ما كان يتحكم في نفسه إذا ما اعتراه الغضب إلاّ أن أولئك المحيطين به بدءاً من جوزيفين إلى حارسه الشخصي القوي روستام Roustam كانوا يتحوّطون في كل كلمة وكل حركة مخافة إثارة سخطه.
وكان نافذ الصبر إذا ما ظهر له تناقض أو توان أو عدم كفاءة أو غباء. وعندما ينفذ صبره لأمكن أن يوبّخ علناً أحد السفراء، وأن يسبب أحد الأساقفة وأن يركل فيلسوفاً في بطنه، وإذا لم يتوفر له ما هو أفضل ركل الأخشاب في المدفأة. ومع هذا فقد كان غضبه يخمد بمجرد تفريغ شحنته، وغالباً ما كان هذا الغضب غطاء أو حركة من حركات السياسة، وفي معظم الحالات كان يقوم بعملية استرضاء لمن صبَّ عليهم غضبه بعد يوم أو حتى بعد دقيقة. وقلّما كان فظَّاً إلى حد مؤلم، فهو في غالب أحواله رقيق مداعب فكهٌ (حاضر النكتة) لكن روح الفكاهة عنده قد أضعفتها المعارك وما تعرّض له من مواقف صعبة، ولم يُتح له وقت كثير لمسرّات أوقات الفراغ أو الانهماك في القيل والقال، أو ظُرف الصالونات. لقد كان رجلاً في عجلة دوماً تحيط به ثُلَّة من الأعداء، ويمسك بزمام إمبراطورية، ومن الصعب علي رجل في عجلة من