للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في أي شكل من أشكال المساواة. لقد كان هناك مخلصون أوفياء له ضحّى بعضهم بحياته فداء لمجده ومجدهم ومع هذا لم يكن أحدهم يفكر في أن يدعوه صديقاً. لقد أحبّه يوجين لكن حبّه له كان كحب الابن لأبيه أكثر منه كحب الصديق لصديقه، ويحكي لنا بوريين (وهو لم يكن جديراً بالتصديق تماماً) أنه سمع مراراً من نابليون في سنة ١٨٠٠ قوله:

"الصداقة ليست إلاّ اسماً بلا مضمون. أنا لا أحبُّ أحداً. إنني حتى لا أحب إخوتي، ربما أحب جوزيف (يوسف) قليلاً بحكم التعوّد ولأنه أخي الكبير. وأنا أيضاً أحب دوروك Duroc … اعلم جيداً أنه لا أصدقاء حقيقيين لي. فطالما أنني مستمر على ما أنا عليه، فإنه يمكنني أن احتفظ بعدد كبير من الأصدقاء الظاهريين (غير الحقيقيين) كما أشتهي. دع رقة الشعور للنساء، فتلك مهمتهن. لكن الرجال يجب أن يكونوا رابطي الجأش ذوي أهداف محددة، وإلا تخلّوا عن مهامهم في الحرب والحكم ".

تلك هي الحلقة النابليونية الرواقية لكن ليس من السهل أن نوفِّق بين هذا وإخلاص رجال مثل ديزيه ودوروك ولان ولاكاس وآخرين كثيرين دام إخلاصهم له طوال حياتهم. بل أن بورين نفسه يصدّق على أن نابليون كان رفيقاً رقيق المشاعر خارج نطاق المعارك ويوافق مينيفال الذي كان قريباً من نابليون طوال ثلاثة عشر عاما على ذلك فيقول:

"لقد توقّعت أن أجده فظاً متقلب المزاج، لكنني - على العكس من ذلك - وجدته صبوراً متسامحاً من السهل بعث المسرّة في نفسه، وهو بلا شك منضبط كما أنه مرح وكثيراً ما يتخذ مرحه طابع الجلبة وروح السخرية، وأحياناً يتخذ طابع الوداعة الجذابة .. فلم أعد خائفاً منه، ومما جعلني أستمر في حالة الاطمئنان إليه كل ما رأيته من أساليب مؤثرة وداعية للمسرّة كان يتَّبعها في تعامله مع جوزيفين وحرصه على الاخلاص لضباطه ورقته مع ذوي قرابته ومع مستشاريه ووزرائه وألفته مع جنوده ".