الحرب يكون المرء مخدّراً مستعداً للموت، كما أن الموت في الحرب يُعطي المرء تعويضاً عن موته متمثلاً في بريق الشهرة!
ومع هذا فقد شعر كما شعر كثيرون من العلماء (رانكه Ranke وسورل Sorel وفاندال Vandal … ) أنه إن كان مذنباً فإنما ارتكب آثامه ضد من هم أشد منه إثماً ذلك أنه حارب ومارس القتل دفاعاً عن النفس ذلك لأن المتحالفين ضده قد صمَّموا على عزله باعتباره ابناً للثورة ومغتصباً لعرش البوربون. لقد طالب مراراً بالسلام، فلم تلق طلباته بهذا الشأن إلاَّ إعراضاً. ومن أقواله:"إنني ما غزوت إلاَّ دفاعاً عن النفس. فأوروبا لم تكف عن شن الحرب ضد فرنسا ومبادئها وضدي شخصياً".
وظل التحالف الأوروبي قائما ضد فرنسا إما سراً وإما جهراً وكان نابليون قد تعهد عند تتويجه بالحفاظ على الحدود الطبيعية لفرنسا، فماذا كانت ستقول فرنسا لو أنه تخلّى عن هذه الحدود؟ فمن أقواله إن:
"السُّوقة لم يتوقفوا عن لومي على أساس أن كل حروبي إنما كانت لتحقيق طموحي. لكن أكانت هذه الحروب من اختياري؟ ألم تكن دائماً مفروضة يتعذر اجتنابها؟ ألم تكن نضالاً بين الماضي والمستقبل ".
وكان نابليون دائماً مثقلاً - بعد الأعوام الأولى النشطة المفعمة أحداثاً - بمشاعر مؤدّاها أنّه مهما كان عدد انتصاراته فإن هزيمة واحدة حاسمة ستمحقه ليغدو تحت رحمة أعدائه. لقد كان مستعداً للتنازل عن نصف العالم مقابل السلام لكن وفقاً لشروطه.
ويمكننا أن نُنهي حديثنا بالحديث عن نابليون كجنرال، أنه كان حتى في تيلسيت Tilsit (١٨٠٧) وفي غزوه لأسبانيا (١٨٠٨)، في حالة دفاع، ومن ثمّ فإن محاولته لضم النمسا ثم بروسيا فأسبانيا فروسيا وإحكام الحصار القارِّي (المضاد) إنما فرض حروباً إضافية على فرنسا المنهكة وأوروبا الممتعضة. ورغم أنه كان قد برهن على أنه إداري متفوق من الطراز الأول إلاّ أنه تخلّى عن الاهتمام بأمور الدولة في سبيل تحقيق المجد في مضمار مباهج الحرب. لقد رَبِح فرنسا كجنرال، لكنه أيضاً ضيّعها كجنرال. لقد أصبح موطن قوته هو حَتْفه.