كان يجد في ساحة المعركة سعادة أكثر من أي سعادة أخرى في مجال الإدارة. لقد قال، واعترف لجوميني Jomini أن هناك مرحاً أو متعة في الخطر وأنه يحب جو الإثارة في المعركة لقد كان أسعد ما يكون عندما يرى جموع المقاتلين يتحركون وفقاً لمشيئته في العمليات العسكرية التي غيّرت الخريطة وكتبت التاريخ. لقد كان ينظر لمعاركه على أنها استجابة لهجوم (رداً على هجوم) لكنه كان يؤمن بما ذكره لبورين - على حد رواية هذا الأخير:"إن سلطاني يقوم على مجدي، ومجدي يعتمد على انتصاراتي. وسيضيع سلطاني إذا لم أدعمه بمجد جديد وانتصارات جديدة. فالفتح (الغزو) هو الذي جعلني على ما أنا عليه الآن، والفتح وحده هو الذي سيبقينى". ولا نستطيع أن نثق تماما في نسبة هذا الاعتراف بالغ الأهمية لنابليون، فقد رواه بورين غير المحب لنابليون (في فترة كتابته عنه) لكن لا كاس الذي كان نابليون بالنسبة له يأتي في المحل الثاني مباشرة بعد الرب نسب إليه قوله (في ١٢ مارس سنة ١٨١٦): "لقد تطلعت أن أكون إمبراطوراً للعالم، وأن أؤمّن ذلك لنفسي، فالسلطة التي لا تحدها حدود مسألة ضرورية لي ".
أكان نابليون - كما قال أعداؤه عنه - جزاراً؟ لقد قيل إنه جند في جيوشه عدداً يبلغ إجمالية ٢،٦١٣،٠٠٠ فرنسي، مات منهم حوالي مليون في سبيل خدمته. أكان يُزعجه القتل؟ لقد ذَكَرَ القتل الجماعي (مُنَدِّداً) في مناشدته للقوى المعادية له طلباً للسلام، وقيل أنه بكى عندما رأى جثث القتلى في إيلاو Eylau، بل إنه قال للاكاس بعد أن انتهى كل شيء، وراح يسترجع ما كان:
"لقد كنت أقود المعارك التي أخوضها واضعاً في اعتباري مصير الجيش ككُل (برمته) دون أن أضع العواطف في اعتبار. لقد كنت أرقب تنفيذ المناورات التي يقتضي تنفيذها كثيراً من القتلى يسقطون بين صفوفنا، ومع هذا تظل عيناي جافتين (بلا دموع) ".
ومن المحتمل أنه كان علي الجنرال (نابليون) أن يعزّي نفسه بفكرة أن موت هؤلاء الشباب صغار السن لم يكن أمراً مهماً بالنسبة للمكان والزمان اللذين لاقوا حتفهم فيهما، فعلى أية حال، أليست هذه هي النهاية الطبيعية لهم، فمن لم يمت بالحرب مات بغيرها، وإن كان - أي نابليون - يؤمن بشكل غامض أن موتهم في غير الحرب أقل مجداً لهم كما أن موتهم في غير الحرب ربما سبب لهم آلاماً أكثر ففي