مجلس الدولة، وقال لا كاس Las Cases في ذلك الوقت (وكان هو عضواً في المجلس): "ولم يكن أحد منا يغيب مهما كان السبب وكان يعمل بجد شديد فنظراً لرغبته الشديدة في إنجاز الأمور، كان يستيقظ أحياناً في الساعة الثالثة صباحاً ويظل يواصل العمل طوال النهار". وغالباً ما كان يتوقّع أن يبذل مساعدوه الجهد نفسه. وكانوا دائماً جاهزين لتقديم معلومات حديثة جداً عن أي أمر واقع في دائرة اختصاصهم، وكان يحكم عليهم وفقاً لدرجة دقة تقاريرهم ونظامها ووفائها بالمراد، وسرعة تقديمها حاوية آخر التطورات حتى آخر ساعة. ولم يكن يعتبر يومه منتهياً حتى يقرأ المذكرات والوثائق التي غالباً ما كانت تأتيه يومياً من دوائر الحكومة المختلفة. وربما كان نابليون هو صاحب أفضل جهاز للتزويد بالمعلومات في التاريخ.
وقد اختار للوزارات الكبرى (المهمة) رجالاً ذوي قدرات عالية من الطراز الأول مثل تاليران Talleyrand وجودين Gaudin وفوشيه Fouche رغم اعتزازهم الشديد بأنفسهم مما كان يسبب له بعض المتاعب، وكان يفضل - بشكل عام - للمناصب الأخرى خاصة الإدارية رجالاً من الطبقة الثانية ممن لا يوجِّهون أسئلة له أو يقترحون عليه إجراءات من عند أنفسهم، فلم يكن لديه الوقت أو الصبر لمثل هذه المناقشات، فقد كان ينتهز الفرص وفقاً لتقديره هو، كما كان يتحمل المسؤولية والمخاطرة.
وكان يطلب من العاملين معه أن يُقسموا يمين الإخلاص ليس فقط لفرنسا وإنما الإخلاص له شخصيا. وفي معظم الحالات كانوا علي استعداد للموافقة على أداء هذا القسم مَسُوقين بتأثير شخصيته وكأنهم منوَّمون مغناطيسياً وبتأثير عظمة مخططاته. لقد كنت أثير المنافسة وأكافئ كل مستحق وأُزيح للخلف حدود المجد لأجعل مجالها أرحب. لكنه دفع ثمن منهجه في اختيار مساعديه ذلك المنهج الذي سار بالتدريج نحو إحاطة نفسه بتابعين قلّما كانوا يجسرون على مناقشة وجهات نظره حتى أن الأمر انتهى بإزاحة كل اعتراض في سبيل تسرعه أو كبريائه إلاَّ ما تمثله الدول الأجنبية المعادية له، إلا أن كولينكور Caulaincourt يُعد استثناء من هؤلاء المحيطين به في سنة ١٨١٢.
لقد كان نابليون قاسياً مع مرؤوسيه، صارماً إذا وبّخ، بطيئاً إذا امتدح، لكنه كان مستعداً