الآباء الفرنسيين وتعالت صيحات يسقط التجنيد الإلزامي في كل مكان في فرنسا.
وبهذه الطريقة كان الجيش العظيم ينمو ويزداد عدده، ذلك الجيش الذي كان حُب نابليون ومصدر فخره. وقد عمل نابليون على رفع الروح المعنوية لهذا الجيش فجعل لكل كتيبة من كتائبه علماً خاصاً بها ذا لون محدّد كان يحمله أحد الشبان الشجعان أثناء المعركة ليقود أفراد الكتيبة ويبث العزم فيهم فإن سقط اندفع شاب آخر ليرفعه. وعادة ما كان هذا العلم يمثل روح الكتيبة وعلامتها الظاهرة.
وعادة ما كان يُحتفظ بهذا العلم ليتم عرض ما بقي منه في الاستعراضات العسكرية احتفاء بالنصر، وأخيراً يتم تعليقه كشارة مقدسة للنصر رغم تمزقه وإهترائه في كنيسة ضحايا الحرب. وكان لكل كتيبة تقريبا لباسها المحدّد الخاص بها واسمها، وكانت هذه الكتائب مشهورة في وقت من الأوقات من بريست Brest إلى نيس ومن أنتورب إلي بوردو: رُماة القنابل اليدوية (الرمّانات) Grenadiers الهوصّار Hussars (سلاح الفرسان الخفيف)، القنّاصة Chasseurs حاملو الرماح Lancers الفرسان Dragoons .. إلخ والأهم من كل هؤلاء الحرس الإمبراطوري البالغ عدده ٩٢،٠٠٠ مقاتل كاحتياطي دفاعي حول الإمبراطور حين يظهر موقف متأزم يقتضي منهم التضحية بحياتهم. وكان من الممكن لأي مجنَّد أن يترقّى ليصبح عضواً في هذا الحرس الإمبراطوري أو حتى يحمل عصا المارشالية كواحد من الثمانية عشر مارشالاً في فرنسا النابليونية.
لقد كانت نتائج الحروب لا حد لها - بيولوجياً واقتصادياً وسياسياً وأخلاقياً. والرقم القديم الدال على عدد القتلى الفرنسيين في هذه الحروب هو ١،٧٠٠،٠٠٠ إلاّ أن الحسابات اللاحقة قد قلّصته ليصبح مليوناً. وحتى لو كان هذا الرقم الأخير صحيحاً فإنه كفيل بإضعاف فرنسا طوال جيل حتى تستطيع أرحام نسائها تعويض هذه الخسارة. ومن الناحية الاقتصادية فإن هذه الحروب والاحتياجات العسكرية وظروف الموانئ المحاصرة - قد عجّلت بتقدم الصناعة وازدهارها. ومن الناحية السياسية فإنها قوَّت الوحدة بين الحكومات الإقليمية (في فرنسا) وعمَّقَت الولاء للحكم المركزي.
ومن الناحية الأخلاقية فإن الصراع المستمر عوَّد أوروبا على توسيع نطاقات الحروب وعوّدها على تقنين المذابح