للسلوك يمكن إتباعه ويلبي حاجات المواقف المختلفة، بحيث يبدو مسلك المرء ودودا. وبالفعل فقد تم إنجاز هذا العمل في ثمانمائة صفحة ودراسة الفلاسفة ورماة القنابل اليدوية وأصبح البلاط الإمبراطوري نموذجاً يتجلَّي فيه اللباس المتأنق والخطب الجوفاء أو الكلام الفارغ.
وراح رجال الحاشية يلعبون الورق وفقدت اللعبة قيمتها لأن نابليون منع الميسر، وأخرجت المسرحيات وعُزفت الكونشرتات وأقيمت المراسم والتشريفات والحفلات التنكرية، وعندما تضاءل ما تسببه الأزياء والحوارات الفكرية من إثارة، وجد أفراد الحاشية الأساسيين متعتهم في الانتقال مع الإمبراطور والإمبراطورة إلى سان كلو St. Cloud أو رامبول Rambouillel أو تريانون Trianon أو - وهذا أكثر مدعاة للسعادة - إلى فونتينبلو حيث تتلاشى الرسميات وتؤدي ممارسة القنص إلى تدفئة الدماء.
ولم يكن أحد أكثر ضيقاً بهذه الطقوس الملكية كنابليون فقد تجنبها بقدر ما يستطيع. وقد قال:"إن الاتيكيت (قواعد السلوك) هي سجن الملوك" وقال للاكاس: "الضرورة تجبرني على مراعاة درجة من الأبهة (أو التكلّف State) وأن أتبع نظاماً معيناً يجعلني وقوراً - أو بعبارة أخرى أن ألتزم بالاتيكيت. وإلاّ كنت عُرضة للضرب على كتفي يومياً"
وكان للمراسم والتشريفات أيضاً أساسها المنطقي فالحكومة التي تم تأسيسها حديثاً لابد أن "تكون مُبهرة مثيرة للدهشة، فإذا فقدت تألّقها سقطت فالاستعراض للسلطة كالطقوس للدين أليس صحيحاً أن الدين الكاثوليكي يروق بشكل أفضل للخيال بأبهة طقوسه أكثر مما يروق بسمو عقائده؟! فإن أردت أن تثير الحماسة في الجماهير فلتبد في نواظرهم مقبولاً أو بتعبير آخر اعمل على أن تروق لعيونهم ".
وكما جرت العادة في التاريخ فقد تدهورت سلوكيات البلاط، وتدنت تدريجياً في محيط المتعلمين. قال بول لاكروا Paul Lacroix جامع الكتب المتعلّم "لتجعل غالب مجتمع حكومة الإدارة راقياً مهذباً حسن التربية فإن هذا يستغرق ما بين عشر سنوات واثنتي عشرة سنة"، وهذا حقيقي على نحو خاص بالنسبة لليون وبوردو، لكننا