نابليون جعل من ديفيد الرسّام الرسمي في بلاطه، لكنه أَوْلى أيضاً شيئاً من رعايته لوجدان جيرار Gerard ورعوّية برودون Prud'hon وألوان جروس Gros المتفجِّرة الصَّاخبة.
وقد كان جاك لويس ديفيد (داود) مولعاً ولعاً طبيعياً بهذا الرَّاعي النصير (المقصود نابليون) الذي اتخذ لنفسه لقب قنصل والذي كان لفترة حامي حمى المدافعين عن حقوق العامة والذي تخّفى وراء قراراته ومراسيمه الشبيهة بقرارات مجلس الشيوخ الروماني ومراسيمه وسرعان ما زار ديفيد هذا الكورسيكي المنتصر (المقصود نابليون) بعد الثامن عشر من شهر برومير Brumaire (وفقاً للتقويم الجمهوري الذي وضعته الثورة الفرنسية)، وكسبه نابليون إلى جانبه بأن "حياة ذات مرة كفرنسي مُقَدَّم" لكنه وبّخه بكياسة لاستنزافه كثيراً من موهبته في التاريخ القديم، "أليست هناك أحداث تستحق الخلود في تاريخنا الحديث بل والمعاصر؟! "
وعلى أية حال فقد أضاف نابليون قائلاً:"افعل ما يسّرك، فقلمك الرصاص سيُحقِّق الشهرة لأيِّ موضوع تختاره، لأنَّ أي صورة تاريخية ترسمها ستتلقَّى مقابلها ١٠٠،٠٠٠ فرنك". وكان هذا مُقْنعا. وصدَّق ديفيد على الاتفاق بأن رسم لوحة لبونابرت وهو يعبر الألب (١٨٠١) تلك اللوحة التي تظهر المقاتل الوسيم بساق جذّابة فوق حصان رائع يعدو بسرعة فوق المنحدر الصخري للجبل - إنها إحدى أجمل الصور في هذا العصر.
وكان ديفيد قد صوّت إلى جانب قرار إعدام لويس السادس عشر ولابُد أنه جفل عندما جعل نابليون من نفسه إمبراطور وأعاد للملكية كل أبهتها وسلطانها، ومع هذا فقد ذهب (أي ديفيد) ليرى سيّده الجديد (المقصود نابليون) وهو يضع التاج فوق رأسه، وكان افتتانه بالمشهد يفوق توجّهاته السياسية، وبعد ثلاث سنوات من الإخلاص المتردّد لسيّده (الذي أصبح ملكاً)، خلّد هذا الحدث في لوحة زيتية تُعد من روائع هذه الفترة. ويكاد يكون قد صوّر مائة شخصية في لوحة تتويج نابليون (١٨٠٧) بل إنه رسم فيها مدام ليتيزيا (الأم) Letizia التي لم تكن حاضرة أثناء التتويج. وكان معظمهم راضين عن اللوحة ما عدا الكاردينال كابرارا Caprara الذي اشتكى ديفيد لأنه رسمه أصلعَ