بدون شعره المستعار الذي اعتاد وضعه فوق رأسه. وبعد أن تأمل نابليون اللوحة لمدة نصف ساعة رفع قبعَّته للفنان (ديفيد) وقال له: "هذا حسن، حسن جداً يا ديفيد، إنني أُحيّيك".
ولم يكن ديفيد مجرد رسّام رسمي للبلاط، وإنما كان زعيم الفن الفرنسي في هذه الفترة بلا منازع. لقد سعى إليه كُلّ ذوي الحيثية يجلسون أمامه طمعاً في لوحة منه - نابليون، بيوس السابع، مورا Murat، وحتى الكاردينال كابرارا بعد أن وضع باروكته (شعره المستعار) فوق رأسه. وقد نشر تلاميذ ديفيد - خاصة جيرار Gerard وجروس Gros وإيزابي Isabey وإنجر Ingres - تأثيره حتى عندما انحرفوا عن أسلوبه. وفي وقت متأخر زمنا حتى سنة ١٨١٤ كان زوّار اللوفر الانجليز يندهشون لوجود فنانين شبان ينسخون لوحات ديفيد - لا لوْحات عصر النهضة. وبعد عام تم نفيه بعد عودة البوربون، فذهب إلى بروكسل حيث انتعشت أحواله نتيجة عمله في رسم اللوحات الشخصية خاصة. ومات ديفيد في سنة ١٨٢٥ عن عمر يناهز السابعة والسبعين بعد أن عاش حياة حافلة.
ومن بين تلاميذه انجر (١٧٧٠ - ١٨٦٧) الذي عاش بعده سنوات طوال. وعرَّجنا أثناء حديثنا عن جيرار وجيرين Guerin على رسومهما الشخصية ذات الطابع التنويري، وتوقفنا أكثر إزاء انطوان - جان جروس Antoine-Jean Gros بسبب تنقله الشائق بين الأساليب المختلفة. لقد لاحظناه في ميلان يرسم أو يتخيَّل نابليون على جسر أركول Arcole ففي هذه اللوحة، سرعان ما ندرك ميراث ديفيد الفني يعانق الرومانسية. وقد كافأ نابليون الفنان جروس الذي كان معجباً به إعجاباً أعمى، بأن أرسله ليشهد إحدى المعارك حتى يتمكن الفنان الشاب من رؤية الحرب عن قرب، وبعد ذلك بسنوات قلائل أصبح مثل جويا Goya لا يرى أن الحرب تسبب معاناة شديدة، ففي لوحته طاعون يافا (١٨٠٤) أظهر نابليون يلمس قروح الضحيّة، لكنه أظهر أيضاً الفزع واليأس بادِيَيْن على الرجال والنساء والأطفال وقد أصابهم قدرهم الأعمى القاسي.
ولم يصوّر في لوحته معركة إيلاو Eylau (١٨٠٨) مجريات الحرب وإنما صوّر ميدانها وقد غصّ بالمُحْتَضرين والموتى. وقد أحس بدفء ألوان روبين Ruben وأغرق رسومه بحيوية الدم واللحم التي رفعت الروح الرومانسية لفرنسا بعد