يهتم بين الحين والآخر بدار الكوميديا الفرنسية - وكان لها حقوق - مقصورة عليها - لإخراج الدراما الكلاسيكيّة. وفي ١٥ أكتوبر سنة ١٨١٢ - وبين خرائب موسكو المحترقة - وجد الوقت الكافي ليصوغ للمسرح الفرنسي مجموعة قواعد وإجراءات دقيقة ظلت تحكم هذا المسرح حتى اليوم وفي ظل هذا التشجيع قدّم الكوميدي فرانسيز خلال فترة الإمبراطورية أجمل مسرحيات شهدها التاريخ الفرنسي.
ولإضافة نشاطات أخرى لهذه النشاطات أعيد بناء مسرح أودون Theatre de l'Odeon - الذي كان شُيّد في سنة ١٧٧٩ ودّمرْ حريق في سنة ١٧٩٩ - في سنة ١٨٠٨ وكانت خطوط معماره كلاسيكيّة كما أراد لها المعماري شالجرين Chalgrin. وأنشئ مسرح البلاط في قصر التوليري، كما أنشئت منصات خاصة للتمثيل المسرحي تميزت بقدر كبير من الامتياز في كثير من الدور التي يتمتع أهلها بالثراء.
وقد وصل تالما Talma بعد أن لعب أدواره في الثورة الفرنسية - إلى ذروة مجده في ظل حكم نابليون. وكان معتزاً بنفسه وكان انفعالياً مميَّزاً فلا بُد أنه كان يجد صعوبة في السيطرة على مكوّنات شخصيته الحقيقية عند أداء أدواره التمثيلية. لقد أصبح هو سيّد الفن البارع بتعلّمه كيف يضبط وينسق كل حركة من حركات أطرافه، وكل خَلْجة من خلجات وجهه، وكل نبرة من نبرات صوته، ليجعلها ملائمة لأية أحاسيس ومشاعر أو أفكار للشخصية التي يمثلها، وليجعلها ملائمة للتعبير عن أية دهشة أو معنى أو مغزى .... تريد هذه الشخصية أن توصلها للمشاهدين، وكان بعض المولعين بمشاهدة المسرحيات يذهبون عدّة مرّات لمشاهدة العرض الواحد ليروْه في الدّور نفسه ليستمتعوا ببراعة فنه وليدرسوه.
ولم يكن أسلوبه في الأداء خطابياً على نحو ما كان عليه أسلوب الأداء التمثيلي في ظل الحكم القديم (قبل الثورة). لقد كان يلقي الأشعار سداسية التفاعيل كما لو كان يقرأ نثراً (غير منظوم) وكان يعارض المبالغة غير الطبيعية في إظهار المشاعر ومع هذا فقد كان بمقدوره أن يكون حالما كأي عاشق انفعالياً كأي مجرم. وكادت مدام دي ستيل de Stael تصل إلى حد الرّعب عندما شاهدت تالما يؤدي دور أوثيلو Othello فكتبت له في سنة ١٨٠٧: