ورعب لا عقلاني من المجهول وأدت طاقته الجنسية - دون أية اتصالات جنسية نعرفها - إلى أن تطورت في خياله صورة امرأة نموذجية أخلص لها (أي لهذه الصورة المتخيّلة) إخلاصاً باطنياً (ينحو نحواً صوفياً) شديداً، مما انحرف به وعاقه عن التطور المعتاد.
وكلما اقترب موعد حضوره أول طقس للعشاء الرباني (جزء من القدّاس) يقام له، اعتراه خوف من أن يُدلي لقس الاعتراف بهواجسه الداخلية، وممارساته السرية، وعندما وجد الشجاعة واعترف لقس الاعتراف هدَّأه القس وأراحه وأحلّه من تبعاته (غفر له)، عندها شعر بفرح الملائكة. وفي اليوم التالي أقاموا لي طقوساً سامية محركة للمشاعر،
"حاولت عبثاً أن أصفها في كتابي عبقرية المسيحية Le Genie du christianisme. إن الحضور الحقيقي للفادي Victim (يقصد المسيح) في القربان المقدّس على مذبح الكنيسة كان واضحاً لي كحضور أمي إلى جانبي. لقد شعرت كما لو أن نوراً قد انبثق في داخلي".
فارتعد إجلالا وبعد ثلاثة أشهر غادر كلية (مدرسة) دول College de Dol. " إن ذكرى هؤلاء المعلمين الجادين ستبقى دائماً عزيزة إلى نفسي".
هذا السمو (المقصود هذه المشاعر الدينية) راح يقل كلما أمعن في القراءة مما أدى إلى ظهور قضايا أو أسئلة في حاجة لإجابة في أمور العقيدة. واعترف لوالديه أنه لا يريد أن يكون قساً. فتم إرساله وهو في السابعة عشر من عمره إلى كلية رين College de Rennes لمدة عامين لتؤهله لوظيفة في الحراسة البحرية Naval Guard في بريست. وفي سنة ١٧٨٨ (كان قد بلغ العشرين) تم تعيينه تحت الاختبار لكن حياته التي اعتاد عليها قبل ذلك بالإضافة إلى الانضباط في البحرية الفرنسية جعلاه خائفاً جداً من العمل في البحرية حتى أنه عاد إلى والديه في كومبورج Combourg ووافق على الالتحاق بكلية دي دينان de Dinan ليكون قساً، وربما قال هذا رغبة في أن يخفّف والده من حدّة توبيخهما له. يقول:"الحقيقة أنني لم أكن أريد إلا كسب الوقت لأنني لم أكن أعرف ما أريد"، وأخيراً التحق بالجيش برتبة ملازم، وتم تقديمه للملك لويس السادس عرش، وكان يمارس الصيد معه، وشهد الاستيلاء على الباستيل، وتعاطف مع الثورة إلى أن قامت في سنة ١٧٩٠ بإلغاء