"الإمبراطورة كوكن" في القرن الثامن كل أسرة يابانية أن تحصل لنفسها على نسخة من متن الطاعة المفروضة على الأبناء للآباء"؛ وكان يطلب إلى كل تلميذ في مدارس الأقاليم أو في الجامعات أن يتقن دراسة هذا الكتاب إتقاناً تاماً؛ ولو استثنيت طائفة السيافين الذين كانت واجبات الطاعة عندهم مفروضة أولاً لسادتهم؛ إذا استثنيت هؤلاء، وجدت طاعة الأبناء لآبائهم هي الفضيلة الأساسية العليا عند اليابانيين؛ بل إن علاقة الياباني بالإمبراطور، كانت علاقة الحب والطاعة من ولد إلى والده؛ ولبثت هذه هي الفضيلة الرئيسية في التشريع الخلقي كله تقريباً عند عامة الناس في اليابان، حتى جاءهم الغرب بأفكاره الثورية التي تنادي بحرية الأفراد؛ وكان يستحيل على الجزر اليابانية أن تتحول إلى المسيحية، بسبب ما ورد في الإنجيل من أمر للرجل بأن يترك أباه وأمه ليلصق بزوجته (٨٠).
لم تكن الفضائل الأخرى- فيما عدا الطاعة والولاء- لتحتل بينهم مثل المكانة التي تحتلها في أوربا المعاصرة؛ فالعفة كانت فضيلة مرغوباً فيها، حتى لقد قتل بعض نساء الطبقة العليا أنفسهن حين تعرضت بكارتهن للخطر (٨١)، لكن كبوة واحدة لم يكن معناها عندهم القضاء على المرأة قضاء كاملاً؛ وأشهر القصص اليابانية، وهي قصة "جنجي مونوجاناري" هي عبارة عن ملحمة تروي قصة غواية في الطبقة العليا؛ وأشهر مقالات في الأدب الياباني، وهي المجموعة في كتاب "صور على الوسادة" لكاتبته "السيدة سي شوناجون" تراها في بعض المواضع كأنما أريد بها أن تكون رسالة في الأوضاع الصحيحة التي ينبغي مراعاتها عند اقتراف الخطيئة (٨٢)، فقد نظر القوم إلى شهوات الجسد نظرتهم إلى أمر طبيعي كما ينظرون إلى الجوع والظمأ؛ فترى آلاف الرجال وكثير منهم أزواج محترمون يحتشدون ليلاً في "يوشي وارا"، (أي حي الزهر) في طوكيو؛ ففي ذلك الحي منازل خرجت على النظام، يسكنها خمسة عشر ألف زانية رخص لهن بالزنا ومهرن فيه، تراهن في الليل