زواج، تلك الفكرة ذات الأبعاد الكنسية (الإكليريكية). وإذا كانت الحجج التي ساقها ضعيفة في بعض الأحيان إلا أن جاذبية أسلوبه غطت على هذا الضعف. إن الطبيعة نفسها ليعتريها المرح إذا سمعت ابتهالات شاتوبريان وتدلّهه في حبها، بعد أن تكون ساخطة معبرة عن سخطها بالزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير المصحوبة بمطر ورعد وبرق.
والسؤال الآن: هل كان شاتوبريان حقاً مؤمناً؟ بدءاً من سنة ١٨٠١ إلى آخر حياته سمعنا أنه كفَّ عن صلاة عيد الفصح Easter فلم يعد يشترك في العشاء الرباني ولم يعد يتقدم للكاهن لأداء طقس الاعتراف - وهو الحد الأدنى الذي تطلبه الكنيسة من الأطفال. وقد ذكر سيسموندي Sismondi حوراً معه في سنة ١٨١٣:
"إن شاتوبريان قد لاحظ تدهور الدين في العالم على مستوى أوروبا وآسيا، وقارن علامات التدهور هذه بتعدد الآلهة على أيام جوليان Julian … وانتهى إلى أن أمم أوروبا قد تختفي مع دياناتها. لقد صُعِقت لروحه المتحررة هذه … لقد تحدث شاتوبريان عن الدين … أنه يعتقد أن الدين ضروري لمساندة الدولة. إنه يعتقد أنه والآخرين ملزمون أو مقيدون بالإيمان بدين أو بتعبير آخر لا فكاك من ذلك".
إننا مندهشون لكتمانه شكّه في الدين (الكاثوليكي) طوال ستين عاماً، يا له من عبء ثقيل حمله! إنه لم يتخلّص أبداً من التشاؤم الذي ألمَّ به في شبابه والذي وصفه في كتابه رينيه Rene. وفي أواخر حياته قال كان يجب ألا أُولد.
٤/ ٤ - رينيه Rene
كان كتاب شاتوبريان (عبقرية المسيحية) ملمحاً مهما للتعبير عن الحركة الرومانسية في مجال الدين. لقد شكل عودة للإيمان والأمل إن لم نقل أيضاً الخيرية أو النزوع لعمل الخير. لقد رفع من شأن شعر العصور الوسطى وفنونها وحث على إحياء فن العمارة القوطي في فرنسا. فخلال مجلداته الخمسة ضمَّ ليس فقط أتالا (القصة الآنف ذكرها) بل أيضاً رينيه حتى سنة ١٨٠٥. هذه الصفحات الأربعون (التي تكوّن رينيه) المفعمة تشاؤماً تعكس قنوط المهاجرين واكتئابهم (المهاجرون الذين تركوا فرنسا إثر أحداث الثورة)