شاهداً تقليدياً يتم الاستشهاد به عند الحديث عن الحزن الرومانسي. لقد قرر أن يضيع في أمريكا ويعيش حياة بسيطة كالتي تعيشها إحدى القبائل الهندية الأمريكية، هروباً من أمراض الحضارة. ووبخه أحد المبشرين لتقوقعه وانعزاله ودوام تفكيره في نفسه وأمره بالعودة إلى فرنسا ليطهر نفسه بخدمة الجنس البشري. وعلى أية حال فقد "مات بعد ذلك كل من رينيه وشاكتاس في مذابح جرت في كل من فرنسا (حيث قُتل رينيه) وفي لويزيانا بالولايات المتحدة"(حيث قُتل أفراد قبيلة ناتشز التي منها شاكتاس الهندي الأمريكي).
إنها قصة جيدة لولا أن أحداثها وطريقة التعبير عن المشاعر والعواطف فيها تتسم بالمبالغة. لكن المشاعر كانت قد ماتت منذ عقد من الزمان كما كان الحزن خطيراً وعميقاً فجفّت الدموع، أما الآن فقد انتهت الثورة وتم استعادة الأمن، فأصبحت المشاعر حرة وآن للدموع أن تنهمر. إن أحزان رينيه - كرجع لصدى ويرثر Werther عبر جيل - أصبحت من سمات رينيه دي شاتوبريان، وانعكس تأثيرها في أوبرمان Obermann التي وضعها سيناكور Senacour في سنة ١٨٠٤، وظهر أثرها أيضاً في رحلة شيلد هارولد إلى الديار المقدسة Childe Harold's Pilgrimage (١٨١٣) ووبّخ شاتوبريان الكاتب بايرون لعدم اعترافه بما هو مدين به. لقد أصاب هذا الكُتيب جيلاً كاملاً بمرض العصر. لقد أصبح نموذجاً تحتذيه آلاف وربما مئات الآلاف من الحكايات الحزينة التي يطلق على بطلها (الشخصية الرئيسية فيها) اسم الراوي (رومانسير romancier) وربما كان اسم الحركة الرومانسية مشتقاً منها. وقد سادت هذه الحركة الفنون والآداب في فرنسا مدة نصف قرن.
٤/ ٥ - شاتوبريان ونابليون
قال نابليون:"إن كتاب عبقرية المسيحية عمل من رصاص وذهب، وإن كان الذهب فيه أكثر .. إن كل ما هو عظيم ووطني في شخصية الإنسان لابد أن يعترف بعبقرية شاتوبريان"
وقد رحب نابليون من جانبه بالكتاب باعتباره متفقاً بشكل يدعو للعجب