والتحقق منها لكن هذا الوقت لم يكن قد أتى بعد واعتبر (علماء نفس) القرن التاسع عشر أنفسهم هم الذين عليهم أن يجدوا المبررات المنطقية أو الأسس الفعلية للأمور التي لازالت بعيدة عن منال العلم وأدواته.
ورغم معارضة نابليون، استمر الأيديولوجيون ideologues طوال عقد من الزمان يهيمنون من خلال تدريس الفلسفة وعلم النفس في المعهد العلمي الفرنسي. وكان عدوّه اللدود his bete noire في المعهد العلمي هو أنتوان ديستون دي تراسي Antoine Destutt De Tracy المهيّج حامل شعلة حسيَّه كوندياك Condillac's sensationism طوال سنوات الحكم الإمبراطوري. وتم إرساله كمندوب جماهيري إلى مجلس الدولة في سنة ١٧٨٩ فعمل على إصدار دستور ليبرالي وهو الذي صدر بالفعل في سنة ١٧٩١، لكن في سنة ١٧٩٣ اعتراه سخط وخوف بسبب وحشية الجماهير وإرهاب اللجنة الكبرى فابتعد عن السياسة واشتغل بالفلسفة.
ففي ضاحية أوتيل Auteuil انضم لمجموعة جذابة مُلتفة حول مدام هلفيتيوس Helvetius الجميلة أبدا، وهناك تعرض للتأثيرات الراديكالية لكل من كوندورسيه Condercet وكاباني Cabanis. وأصبح عضواً في المعهد العلمي فكانت له السيادة في القسم الثاني المخصص للفلسفة وعلم النفس وفي سنة ١٨٠١ بدأ في نشر أجزاء من كتابه عناصر الأيديولوجية Elements d'ideologie وأتم نشره في سنة ١٨١٥. وقد عرّف الأيديولوجية بأنها دراسة الأفكار على أساس حسِّية كوندياك أو المذهب الحسي القائل بأن كل الأفكار نابعة من الحواس أو مشتقّة منها. وهذا - فيما اعتقد - قد يبدو غير حقيقي فيما يتعلق بالأفكار العامة والمجردة كالفضيلة والدين والجمال أو الإنسان،
لكن عند التعامل مع مثل هذه الأفكار يجب أن نفحص الأفكار الأساسية التي تم استخلاصها منها، وأن نعود إلى الإدراك الحسّي البسيط الذي انبثقت منه وظن ديستوت Destutt أن هذه الدراسة الموضوعية يمكن أن تُزيح الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعية) من مكانها، وتُنهي حكم كانط Kant . وإذا لم نستطع أن نصل إلى نتيجة محدّدة بهذه الطريقة علينا أن ننتظر وأن نُرجئ الحكم وأن نحاول توضيح أننا - حقيقة - لا ندري. هذه أللا أدرية agnosticism (مشتقه من لا ندرى) المحكمة لم