وانضم لفترة إلى جيش الأمير كونديه Conde المعادي للثورة لكنه امتعض من فَوْضاه الانتحارية، فتراجع إلى هايدلبرج Heidelberg ليواصل حربه بقلمه المتحفّظ (المنضبط)
ففي كتابه الذي تناول فيه إمكانات السياسة والدين Theorie du pouvoir politique et religieux (١٧٩٦) دافع عن المَلَكِيّة المطلقة وعن الأرستقراطية المتوارثة ومن السلطة الأبوية في الأسرة وعن سلطان الباباوات الديني والمعنوي على كل ملوك العالم المسيحي وأدانت حكومة الإدارة هذا الكتاب لكنها سمحت للمؤلف بالعودة إلى فرنسا (١٧٩٧). وبعد فترة التزم فيها الحذر واصل هجومه الفلسفي بنشره مقالاً بعنوان: مقال تحليلي عن القوانين الطبيعية للنظام الاجتماعي (١٨٠٠) ورحب نابليون بدفاعه عن الدين كضرورة للحكومة، وعرض عليه عضوية مجلس الدولة فرفضها، ثم قبل في سنة ١٨٠٦ قائلاً إن الله هو الذي عيّن نابليون ليُعيد الإيمان الحق.
وبعد عودة الملكية شغل سلسلة من الوظائف العامة، وأصدر سلسلة من البيانات المتحفّظة، المتوهّجة حماساً إلاّ أنها كانت غبيّة. لقد عارض الطلاق وعارض حقوق المرأة باعتبارها مدمّرة للأسرة والنظام الاجتماعي وأدان حرية الصحافة باعتبارها تشكل تهديداً لاستقرار الحكومة ودافع عن الرقابة وعقوبة الإعدام واقترح الحكم بالإعدام على كل من يجدِّف (يسخر من) الأواني (الكئوس) المستخدمة في طقوس العبادة الكاثوليكية. وابتسم المحافظون لإمعانه في الحماسة وتمسكه الشديد بالأصولية (المفهوم أنهم ابتسموا ساخرين)، لكنه لقي ترضيةً بمراسلاته مع جوزيف (يوسف) دي ميستر Joseph de Maistre الذي أرسل له من سانت بطرسبرج ما يفيد تأييده الكامل له، ونشر هذا الأخير بعد ذلك مجلدات لابد أنها أسعدت بونال Bonald وهيجت فيه ميلهما الكامل للمحافظة، والتزام الأسلوب المتألق.
ولد ميستر في سنة ١٧٥٣ في شامبري Chambery التي علّمت فيها مدام دي وارن de Warens روسّو فن الحب قبل ذلك بعشرين عاماً. وباعتبار شامبري عاصمة لدوقية سافوي فقد كانت تابعة لملوك سردنيا، وعلى أية حال فإن أهل سافوي كانوا يتكلمون الفرنسية كلغة وطنية وتعلَّم جوزيف أن يكتب الفرنسية بحيوية وقوة بشكل جعل أسلوبه