للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- تلك الزراعة التي راحت بشكل متزايد تعتمد على الميكنة ورأس المال - في إطعام إنجلترا دون حاجة لعون خارجي. لقد كان الزرّاع واثقين من أنفسهم لدرجة أنهم حثوا البرلمان على اعتماد (تمرير) وقف (مراجعة) قوانين الغلال (الحبوب) بفرض تعريفة عالية (رسوم جمركية قاسية) على استيراد الغلال (الحبوب grain) المنافسة (كانت الكلمة الإنجليزية Corn تعني أي حبوب، وفي إنجلترا كانت هذه الكلمة Corn تعني عادة القمح، بينما كانت تعني في اسكتلندا الشوفان Oats ومع هذا فحتى سنة ١٧٩٠ كانت هجرة الفلاحين المرحلين إلى المدن بالإضافة إلى المهاجرين الذين اعتراهم الفقر من اسكتلندا وأيرلندا - هي التي قدمت القوى العاملة التي جعلت حركة التصنيع ممكنة.

لقد كانت الصناعة لا تزال في غالبها في البيوت والدكاكين لكن معظمها كان مصمماً محلياً ويتم استهلاك منتجاتها محلياً أيضاً. إن الصناعة في هذه المرحلة لم تكن منظمة للإنتاج بكميات كبيرة (للبيع بالجملة) فلم تكن تستطيع تمويل الأسواق المختلفة المنتشرة عبر الحدود. وكان العامل في المنزل أو الدكان تحت رحمة الوسطاء (السماسرة) الذي يبيعون له المواد الخامة ويشترون منه منتجاته. وكان ما يحصل عليه من مال لقاء منتجاته محكوماً بالعرض والطلب، وكذلك بمنافسيه الذين هم أشد منه جوعاً، وعادة ما كان على زوجته وأطفاله أن يعملوا معه من الفجر حتى حلول الظلام، لإبعاد الذئب عن باب الدار (المقصود لإبعاد شبح الفقر) وكان لابد من إيجاد طريقة ما أكثر كفاءة لتمويل الصناعة وتنظيمها إن كان عليها مواجهة احتياجات سكان المدن المتزايدين أو ملء مخازن التجار الراغبين في البضائع الأجنبية أو الذهب (المقصود التجار العاملين في مجال التصدير).

لقد دُفِعت الصناعة في إنجلترا نحو الخصخصة (المشروعات الخاصة) حيث الحافز لتحقيق الربح واضح، وحيث التحرر إلى حد كبير من التنظيمات أو الترتيبات الحكومية، وكان الاندفاع في هذا الطريق بتأثير من فكر آدم سميث Adam Smith مع تجاهل تحذيراته. لقد حصلت الصناعة الإنجليزية على رأس المال مما توفر لها من عوائدها ومن التجار الأثرياء ومن ملاك الأراضي الذين يجمعون العوائد الزراعية (الرَّيع) ومن الإيجارات في المناطق الحضرية، ومن رجال المال (البنكيين bankers) الذين عرفوا كيف يُولِّدون المالَ من المال،