من لا شجرة نسب لهم على الخدمة في البحرية. وقلما كان العوام يصلون إلى رتبٍ عليا في البحرية أو الجيش أو الخدمة المدنية أو الجامعات أو القضاء. وقلما كانت طبقة النبلاء الحاكم تسمح للجماهير التي لا تنتمي لطبقة معينة بأي دور في تقرير سياسات الحكومة أو اختيار القائمين عليها.
وربما كان الوعي الطبقي أكثر حدّة ووضوحاً لدى البورجوازية التي ظلت متعالية بكبرياء بعيدة عن الفلاحين والبروليتاريا، وكان أفرادها يحلمون بمراتب النبالة. وفي داخل الطبقة البورجوازية نفسها كانت هناك قطاعات متنافسة؛ فكان الرأسمالي العامل في المجال الصناعي يتعالى على جاره صاحب المحل التجاري، والتاجر الكبير الذي تحلَّى بالأموال نتيجة مغامراته التجارية يقف متباهياً إزاء رجل الصناعة. وكان ذوو المكانة أو الثروة العظيمة يطلون ما جمعوه من المستعمرات بطلاء الوطنية وكوّنوا طبقة خاصة بهم.
وكما في فرنسا، كذلك في إنجلترا لم يكن أي فرد راضياً بما فيه الكفاية بقسمته التي قسمها الله له، أتاحتها له قدراته، أو فرضتها الظروف. لقد كان كل شخص منشغلاً بالصعود أو التردي. لقد كان قلق العصر الحديث قد بدأ. وكانت المعركة الأساسية هي معركة الرأسمالي كي يحل محل الأرستقراطي في توجيه أمور الدولة. وكان هذا قد استغرق جيلا كاملا في فرنسا، أما في إنجلترا فاستغرق قروناً.
وعلى هذا، فحتى سنة ١٨٣٢ كان لطبقة النبلاء الغلبة، وكانوا يبتسمون ساخرين من متحديهم. وبالمعنى الضيق فقد كانت طبقة النبلاء هذه في سنة ١٨٠١ تتكوّن من ٢٨٧ نبيلاً أو نبيلة زمنياً (أي ليس من الإكليروس أو رجال الدين) و ٢٦ أسقفاً إنجيلياً هم النبلاء أو اللوردات الروحيون spiritual lords (أي من رجال الدين) وهم الذين يشكلون مجلس الشيوخ (مجلس اللوردات House of Lords) . وكان النبلاء الزمنيون (من غير رجال الدين) مرتبين طبقياً فيما بينهم ترتيباً تنازلياً: أمراء من دماء ملكية، دوقات dukes، ماركيزات marquesses، إيرلات earls، فيكونتات Viscount وبارونات barons .
وكان يمكن أن يُطلق على الواحد من كل هؤلاء - ما عدا الأمراء ذوي الدماء