ورغم الأساس الأرستقراطي للحكومة البريطانية فإنها كانت - بشكل ملحوظ - أكثر ديمقراطية في سَنِّ القوانين من حكومات معظم دول القارة الأوروبية، ففي هذه الدول (بما في ذلك فرنسا بعد سنة ١٨٠٤) كان الإمبراطور أو الملك هو الذي يقبض على زمام السلطة، أما في بريطانيا فقد كان الحاكم الحقيقي منذ سنة ١٦٨٨ هو البرلمان وليس الملك، وفي هذا البرلمان ذي المجلسين (مجلس اللوردات ومجلس العموم) كانت السلطة في الأساس في يد مجلس العموم من خلال سلطته على الميزانية Power of the purse: إذ لم يكن ممكنا إنفاق أي مبلغ من الميزانية العامة دون موافقته، ومن الناحية النظرية كان يمكن للملك أن يعترض على أي إجراء يُقرِّه البرلمان، لكن جورج الثالث - من الناحية الفعلية - لم يمد هذا الحق المقصور عليه إلى هذه النقطة الحساسة. وعلى أية حال، كان في مقدور الملك أن يحل البرلمان، ويلجأ إلى أهل البلاد go to the Country لإجراء انتخابات جديدة.
وفي هذه الحال يكون لدى المرشحين الذين يُؤيدهم ويُمولهم فرصة طيبة للفوز بالمقاعد لأن الملك الطبيعي المؤتلف مع شعبه قد أصبح مرة أخرى تجسيداً للأمة ومحور الولاء لها والفخر بها.
٢/ ٢ - النظام القضائي The Judiciary
كان النظام القضائي في إنجلترا - مثله مثل النظام التشريعي - كافياً بالغرض، وكان قد تم مصادفة (أي بدون قصد)، وكان مشوشاً غير محدد المعالم. لقد كان لابد بادئ ذي بدء من السيطرة على مجموعة القوانين التي كانت تكاد تصدر يومياً خلال مئات السنين فظلت طويلاً غير منظمة ولا متسقة وكانت تنص على عقوبات قاسية جداً حتى إن القضاة كانوا غالبا ما يعدلونها أو يتجاهلونها. لقد كان القانون مثقلا ببقايا أصوله الإقطاعية وتنقيحاته المسيحية: فاللوردات المتهمون كان لا يزال من الضروري أن يُحاكمهم لوردات، وحتى سنة ١٨٢٧ كان القسس الأنجليكان Anglican مُستثنون من المثول أمام المحاكم المدنية.
وظلّت مئات القوانين (التي تنص على منع المقامرة ووسائل الترفيه الليلية والاجتماعات غير المصرَّح بها)