مُثبتة ومنصوصاً عليها، رغم عدم تطبيقها إلا فيما ندر. وجرت بعض التحسينات في هذه الفترة: فعدد الجرائم (نحو مائتين) التي كان (في سنة ١٨٠٠) عقابها الموت، جرى تخفيف عقوبتها مراراً. وأصبح من الممكن تفادي السجن لعدم وفاء الدين بالحصر الدقيق للموجودات والديون والعوائق التي تعوق المدين عن سداد ديْنه. لكن قانون الإفلاس ظل ثقيل الوطأة حتى إن رجال الأعمال تحاشوه باعتباره طريقاً إلى إفلاس مضاعف.
وقانون الإحضار لأغراض التحقيق الصادر في سنة ١٦٧٩ والذي كان يهدف إلى منع سجن المتهم قبل المحاكمة، غالباً ما عُلِّق (لم يُنفّذ) حتى فقد قوته في أثناء أزمات مرّت بها البلاد مثل فترة الحروب الثورية الفرنسية. واستمرت التناقضات والمعوقات والتشوّيش سمة من سمات القانون البريطاني حتى عكف بنثام Bentham عليها وأخضعها لمثابرته ودقته ومتابعته للتفاصيل بُغية إصلاحها.
ومما زاد من صعوبة القبض على المجرمين قلة عدد رجال الشرطة في المدن وانعدامهم - تقريباً - في القرى. وكان المواطنون مضطرون إلى تكوين مجموعات تطوعية لحماية حياتهم وممتلكاتهم، وحتى عندما كان يتم القبض على المجرم، فإن يستطيع أن يؤخِّر سجنه أو يُفلت منه باستئجار المحامين ليجدوا له أسباباً لاستئناف الدعوى أو ليفتعلوها له أو ليبحثوا له عن ثغرات في القانون فقد كان مجالا لفخر المحامين أنه لا يوجد قانون إلا واستطاعوا اختراقه وتوسيع رتقه ليسيروا خلاله بعربة بل وستة خيول.
في الدرجةِ الأدنى للمهنةِ القانونيةِ كَانتْ الوكلاء القانونيون (attorneys solicitors or) ، الذين يعملون كوكلاءِ قانونيينِ للزبائن، أَو يبَحثوا ويجهزوا مُحَضّرة للمحامين (barristers) ، وهم المحامين الوحيدينَ المسوح لهم بالدخول والاقتراب من منصة المحكمة. ومنهم الملك، عادة وبتوصياتِ مِن قِبل الوزراء يختارَ القضاة.
ومرَّة أو مرَّتين في السَنَة كان قضاة القانون العامَ يجوّلوا المقاطعات لعقد محاكم استئناف، محلياً، في القضايا مدنية والجنائية. كانوا يبقوا في مكان واحد مدة قصيرة، الحكومة في بعض الحالات تدع القضاة المحلين في كل مقاطعة أو دائرة ابتكار القوانين، و هم منتخبون من الحكومة المركزية من أغنى ملاك الأراضي بتلك المقاطعات، وكانوا لا يتقاضون أجور، وكان من المتوقع أن يبعدهم غناهم عن الفساد، لكنهم لم يكونوا بعيدين عن الشبهات وبعضهم كانوا مشهورين بأحكامهم القاسية ضد الراديكاليين؛ لكن، الكل في الكل، قاموا بنزاهة بدور الإدارة المحلية المؤهّلة، يَساوي تقريباً بذلك الحكامِ في فرنسا النابليونية.
وكان أفضل لمحة في القانون الإنجليزي هو حق المتهم في المحاكمة أمام هيئة محلفين. ومن الواضح أن هذه المؤسسة من مؤسسات الفرانك الكارولنجيين Carolingian Franks قد دخلت إنجلترا بشكلها الأوّلي مع الفتح النورماني Norman . ولم يكن عدد هيئة المحلفين قد حُدِّد بعد باثني عشر عضوا حتى سنة ١٣٦٧، وفي نحو ذلك الوقت فقط كانت الموافقة الاجتماعية للمحلفين على قرار واحد أمراً مطلوباً. وكان يتم اختيار المحلفين (عادة كانوا من الطبقة الوسطى) من بين قائمة تضم من ثمانية وأربعين إلى واحد وسبعين رجلاً بعد جدال بين الحزبين المتصارعين. وكان قُضاة الصلح يعينون بشكل دوري بواسطة هيئة محلفين كبرى في كل كونتية county (إقليم)، وكان من المتوقع أن تأخذ المحاكم بتوصياتهم. وفي أثناء نظر القضايا