رسامو الكاريكاتير الذين ملئوا الصحف برسومهم عن الأحداث الجارية. وكان نابليون هو الموضوع الأثير لدى هؤلاء العباقرة الشياطين. فقد راحوا يهجونه كل يوم هذا "الضئيل الحجم ناتئ العظام" أو هذا "المتوسطي الهجين" كما كانت تسميه صحيفة المورننج بوست Morning Post ويخزونه لإضعاف جهوده الحربية والحط من كبريائه كإمبراطور.
وكان أعظم هؤلاء الرسامين الكاريكاتيريين الذين ظلوا يخزون نابليون وخزا مؤلما هو توماس رولاندسون Thomas Rowlandson (١٧٦٥ - ١٨٢٧) الذي ولد لأب تاجر غني مولع بالمضاربة شجعه تشجيعا كبيرا لتنمية مواهبه في الرسم، وبعد أن درس في الأكاديمية الملكية قيد نفسه في أكاديمية باريس وعاد إلى إنجلترا فحازت رسومه الإعجاب، وفجأة اعتراه الفقر بسبب خسائر أبيه في القمار، وأقيل من عثرته عندما أرسلت له إحدى قريباته (aunt) الفرنسيات ٣٥،٠٠٠ جنيه إسترليني. وكان متحررا في هجاء ما في عصره من سخافات ورياء. لقد رسم كاريكاتيرا عن دوقة تقبل يد جزار طمعاً في صوته الانتخابي، وشخصا سمينا يتلقى خنزيرا كضريبة عشر من فلاح على وشك الموت جوعا، ومجموعة من ضباط البحرية تصطاد البغايا من الشاطئ. وواصل رسم صور مركبة وشاملة: حدائق فوكسهول Vauxhall، مباهج باث Bath، وسلسلة رسوم مرحة صاخبة حققت شهرة على مستوى بريطانيا - رحلات الدكتور سينتاكس Syntax. وأدى غضبه من السياسيين والمهرجين (الصخابين) والأغبياء إلى رسم رسوم كاريكاتيرية فيها مبالغة شديدة، لكنها كانت مبالغة يمكن غفرانها. وكثير من رسومه تحتاج إلى تنقيتها مما فيها من بذاءات، وقد فقد هجاؤه (البحث عن المثالب) كل تعاطف. وإنجازه الفني الأخير ينضح احتقارا للجنس البشري كما لو أن البشرية لم تشهد أما عطوفا ولا رجلاً كريما.
وكانت رسوم جيمس جيلراي James Gillray (١٧٥٧ - ١٨١٥) الكاريكاتيرية أكثر شعبية، فكان الناس يتزاحمون على محلات بيع الكتب للحصول على الطبعات الأولى لرسومه. وقد درس جيمس جيلراي - مثل رولاندسون - في الأكاديمية الملكية وأصبح فناناً مصقولا خصب الخيال وإن كانت خطوطه صارمة. وكاد يضع كل فنه في خدمة الحرب: لقد صور نابليون كقزم وصور جوزيفين كامرأة بذيئة، ورسم فوكس Fox وشريدان Sheridan وهورن توك Horne Tooke