(مؤيّدي الثورة الفرنسية) ينتظرون في نادي لندن حضور الجنرال الثوري المنتصر. وقد انتشرت رسومه الهجائية ذات الأفكار البسيطة والخطوط المصقولة في مختلف أنحاء أوربا وأسهمت في خلع نابليون من فوق عرشه. وقد مات قبل معركة واترلو Waterloo بسبعة عشر يوما.
وشهد هذا الجيل كثيرا من الحفارين (النقاشين على الأخشاب أو المعادن) لكن أعمال وليم بليك Blake كانت هي الأكثر خلودا. لقد طور لنفسه طريقة خاصة في الحفر، بل إنه حاول أن يحل الحفر محل الطباعة، بحفر نصوص إلى جوارها رسومها التوضيحية على ألواح نحاسية، لكن قلمه سبق حفره، إذ راح يعبر عن نفسه في خاتمة المطاف بالشعر. وكان متمردا لأنه امتعض من فقره ويرجع هذا إلى كون الأكاديمية رفضت الاعتراف بالحفارين كفنانين ورفضت أن يقدموا أعمالهم في معارضها. ولأنه كان يرفض بشدة وصاياها بضرورة الالتزام بقواعد معينة وبالتقاليد الفنية التي فرضتها. لقد صرح في نحو سنة ١٨٠٨:
"بأن القضية في إنجلترا ليست مسألة رجل موهوب وعبقري، وإنما لا بد أن يكون خاضعا مشتغلا بالسياسة وثورا قويا، ومطيعا لأوامر النبلاء فيما ينتجه من فن، فإن كان كذلك فهو رجل طيب، وإلا فعليه أن يموت جوعاً ".
وكان بالفعل قد اقترب من الموت جوعا في أوقات عدة لأنه لم يكن يتلقى سوى أجر زهيد لرسوم وأعمال حفر قدر ثمنها في لندن في سنة ١٩١٨ بمبلغ ١١٠،٠٠٠ دولار، ومكنته أعمال الحفر على المعادن التي قام بها لسفر أيوب والتي بلغت ٢٢ لوحة، من العيش بما مقداره جنيهان في الأسبوع في الفترة من ١٨٢٣ إلى ١٨٢٥، وقد بيعت هذه اللوحات في سنة ١٩٠٧ إلى ج. بيربونت مورجان J. Pierpont Morgan بمبلغ ٥،٦٠٠ جنيه إسترليني وهذه اللوحات التي حفرها لسفر أيوب من بين أجمل أعمال الحفر في التاريخ.
وكان بليك Blake في موقف وسط بين البيوريتانية puritan (مذهب ديني مسيحي متشدد) وإنكار المسيحية، كما كان في موقف وسط بين الكلاسيكية والرومانسية، وكان مفتونا بمجموعة تماثيل ميشيل أنجلو (مايكل أنجلو) والرسوم التي رسمها على سقف الكنيسة وأحسّ أيضا ببهاء الجسم الإنساني السليم ورمز له بتجسيد بارز (١٧٨٠) في عمل جعل عنوانه يوم سعيد بشاب يرتدي ملابس شفافة