بها لكن أباها منعها كي لا تنحط بقبول شخص ذي دخل منحط مثل كونستابل، ولم تكن تنقضي خمس سنوات حتى مات والده فأورثه دخلا ثابتا فعاود التقدم لطلب ماريا فوافق أبوها فانطلق كونستابل بعروسه واحتفى بها برسم صورة (بورتريه) لها لا زالت تزين جدار تيت جاليري (رواق تيت Tate Gallery) وبعد ذلك راح يرسم أجمل لوحات المناظر الطبيعية، التي لم تكن إنجلترا قد شهدت مثيلا لجمالها قبله.
لم تكن لوحاته مثيرة مدهشة كلوحات تيرنر Turner لكنها كانت تحتفي بأدق التفاصيل حتى ورقة الشجرة كما كانت تركز على الهدوء والسلام والثروة الخضراء في الريف الانجليزي. وفي هذه الفترة السعيدة قدم للأكاديمية (طاحونة فلا تفورد Flatford Mill ((١٨١٧) والحصان الأبيض (١٨١٩) والهاي وين Hay Wain (١٨٢١) وكاتدرائية سالسبوري Salisbury (١٨٢٣) وحقول القمح (١٨٢٦) وكانت كل لوحة من هذه اللوحات حدثا فنيا وحازت الإعجاب وكثيرا من الإطراء.
وفي سنة ١٨٢٤ قدم الهاي وين (اسم لعربة تجرها الخيول) لتعرض في صالون باريس، وفي ١٨٢٥ عرض (الحصان الأبيض) في ليل Lille وفازت كلتا اللوحتين بالميدالية الذهبية واحتفى الفرنسيون بكونستابل كأستاذ في فنه. وأحست أكاديمية لندن بتقصيرها في حقه فمنحته أخيرا عضويتها الكاملة (١٨٢٩).
لقد أتى التكريم متأخراً فلم يكن له عنده معنى كبير، لأن زوجته ماتت في هذا العام نفسه بالسل الذي تفاقم ربما بسبب تلوث جو لندن بالسخام. وواصل كونستابل رسم المناظر مثل (مزرعة الوادي) و (جسر واترلو) لكن تكاد تكون كل أعماله الأخيرة تعكس ما يتحمله من أحزان، إذ ظل يلبس ملابس الحداد حتى موته المفاجئ.
٤ - تيرنر TURNER: من ١٧٧٥ إلى ١٨٥١ م
كان چوزيف وليم تيرنر معتزاً بنفسه وباسمه ولم يسمح أبداً لنقد معاد أو حب عنيف محطم بتعويق مسيرته نحو التفوق المطلق في مجاله. ولد في ٢٣ أبريل سنة ١٧٧٥، وربما شارك شكسبير في يوم الميلاد وكذلك الشهر. وكان أبوه صاحب محل حلاقة في ميدن لين