الجاذبية. لقد كان رجلا منشغلا ظل نحو نصف قرن يسيطر على الفن في إنجلترا ويسوده بأعماله الرائعة الكثيرة.
وعمد كتاب السير إلى تقسيم حياته إلى ثلاث مراحل لتيسير دراستها ومحاولة فهمها. المرحلة الأولى (١٧٨٧ - ١٨٢٠) كان يميل فيها إلى الموضوعات التاريخية لكنه حولها إلى دراسات للشمس والبحر. وفي سنة ١٧٩٩ كان من بين الرسامين الأربعة الذين احتفوا في معرض الأكاديمية بانتصار نيلسون وتحطيم أسطول نابليون في (أبو قير)، وفي سنة ١٨٠٢ قام بأول رحلة له خارج بلاده، وعندما اقتربت السفينة التي تقله من كاليه Calais ارتفعت الأمواج عالية وهبت العاصفة الشديدة، فدبر تيرنر وبعض الركاب أمر الوصول إلى الشاطئ بقارب تجديف، وتناول - على الشاطئ - كراسة الرسم (الاسكتشات) وراح يخطط المنظر المعقد لسفينة تناضل ضد العاصفة، وبعد ذلك بعام عرض في لندن لوحته القماشية الضخمة (رصيف كاليه Calais Pier) قدم فيها تفاعله مع مناظر السحب السوداء والبحار الغاضبة والرجال الشجعان ومن فرنسا أسرع إلى سويسرا ليرسم ٤٠٠ لوحة للجبال وهي تتحدى السماء بشموخها. لقد أصبحت رسومه (إسكتشاته) كذاكرة ثانية له.
وعندما عاد إلى لندن وجد النقاد الأكاديميين يشكون من أنه وضع ألوانه ثقيلة وباضطراب وبشكل طائش وخلطها بشكل ينافي كل السوابق المعقولة، ذلك أن طريقته تجاهلت التعاليم التي علمها الراحل سير جوشوا رينولدز Sir Joshua Reynolds للأساتذة Masters القدامى الذين خلفوه كما تتجاهل القواعد التقليدية المرعية.
وقد احترم تيرنر ذكرى الدكتاتور الرفيق (المقصود رينولدز) ولكنه أطاع ما تمليه عليه شخصيته. ومن الآن فصاعدا أصبح هو أوضح الأصوات المعبرة عن الثورة الرومانسية في مواجهة الموضوعات القديمة والقواعد العتيقة، والمحاكاة الحرفية للواقع والالتزام بما هو معتاد مما يخنق التجربة ويقيد الخيال. وقد واجه ناقديه بعرض لوحة (سفينة جانحة أو جنوح سفينة) في الاستوديو الخاص به في سنة ١٨٠٤ وكانت اللوحة توضّح قسوة الطبيعة وهيمتها على الإنسان. وحظيت اللوحة بالإعجاب، وبعد ذلك بعام أحبه البريطانيون كثيرا لاحتفائه بانتصار نيلسون في معركة الطرف الأغر.