لقد كانت لوحته فوضى من السفن والرجال والعناصر الأخرى لكن هكذا تكون المعارك. ومع هذا فقد أحس النقاد إزاءها بالارتباك:
لقد كان كل ما يستخدمه تيرنر هو الألوان، وليس هناك خط واحد، وحتى الألوان بدت وكأنما رشرشها دون أن يقصد تكوين شكل محدد، بل وجعلها موضوعا في حد ذاتها. لقد كانت القصور والصروح والمباني والبشر في لوحاته (المرسومة على كانافاه canvases) بقعاً غير محددة ونقطا تشير إلى المعنى كما لو كان الفنان قد سلم بعجز الإنسان في مواجهة الطبيعة الساخطة.
وهذا لا يمنع من وجود استثناءات مبهجة كما في لوحة الشمس تشرق من خلال الضباب (١٨٠٧) لكن في لوحته هانيبال يعبر الألب (١٨١٢) نجد كل معاني البطولة البشرية يضيع وسط السحب السوداء والصفراء التي تمثل دوامة فوق جنود يرتعدون خوفا. أكان هذا الفنان الجامح عدوا للجنس البشري؟.
لقد واصل تيرنر منهجه مُعْمِلاً فرشاته بقوة وحيوية عازما فيما يظهر على محق الحياة والبشر من فوق الأرض، مُخليِاً إياها إلا من الشمس والسحب والجبال والبحار الهائجة. لكنه لم يكن عدوا للبشرية تماما فقد كان قادرا على تكوين علاقات دافئة وطور صداقات هادئة مع السير توماس لورنس المناقض له في أسلوبه الفني وفي نظرياته الفنية. ولم يكن تيرنر يعترف بأية نبالة سوى نبالة العبقرية، وكان مخدوعا شيئا ما من العوام، وكان يحب عمله وخصوصيته، وكان يشعر - مثل ليوناردو Leonardo - أنه إذا كنت متفردا كلية فستكون كلية نفسك أي خير معبر عن نفسك ولم يكن له عقيدة إيمانية يمكن التأكد منها فيما يتعلق بأي وجود فوق الطبيعة (غيبي)،
فقد كان إلهه هو الطبيعة وقد وجه إليها نوعاً من العبادة خاصا به - عبادة ليست من نوع عبادة وردزودث الذي بحث في حكمتها وجمالها، وإنما راح تيرنر يركز على بقائها وإلحاحها وسطوتها، وكان يعلم أنها ستغمره أيضاً وستغمر الإنسان في زمنها الشرس المروع. ولم يزعج نفسه كثيرا بشأن الأخلاق. لقد كان لديه خليلة أو خليلتان، وجعلهما - بشكل رقيق - مقتصرتين عليه، ورسم بعض الصور الزيتية العارية ذات طابع جنس فتم تدميرها ذات مرة عندما وقعا في يد روسكين Ruskin وكان يحب المال ويتقاضى أثمانا باهظة وخلف ثروة. لقد كان ألماسا خاما "