للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باعتبارها مجرد رغوة صابون ودهان أبيض ولخص آخر أعمال الفنان في حقبته الأخيرة بأنها نتاج عين مريضة ويد طائشة واقترح شرابا مخلصا من عناصر شتى كعنوان عام لأي لوحة من لوحات تيرنر (إعصار استوائي) يضرب (برياح سمومه) (دوامة) محدثا (اضطرابا عظيما) و (سفينة تحترق) وقت (الكسوف)، وتأثير (قوس قزح القمري) - لقد بدت الأعمال الكاملة لهذا الفنان الكبير المتألق بعد نصف قرن من العمل - حقيرة مرفوضة في نظر أصحاب الاتجاه المحافظ.

وفي مايو ١٨٤٣ أصدر جون روسكين John Ruskin وكان في الرابعة والعشرين المجلد الأول من كتابه (رسامون معاصرون Modern Painters) ، ألح فيه بحماس على تفوق تيرنر على كل رسامي المناظر المحدثين، والحيوية البالعة التي عبر فيها تيرنر عن العالم (الوجود) الخارجي (خارج ذاته) حتى إنها تعد أفضل تقرير عن هذا العالم (الوجود)، ووجد تيرنر نفسه في درجة أعلى من كلود لورين Claude Lorrain الذي كان يستلهم رسومه من مطلع شبابه، ولم يكن هذا غريبا بالنسبة إليه، لكنه كلما واصل قراءة كتاب روسكين راح يتساءل: "ألن يضره هذا المديح المبالغ فيه؟ " لقد أضره فعلا ولكن لفترة. لقد راح النقاد يثنون على كتاب روسكين لكنهم راحوا يناقشون أحكامه طالبين حكما أكثر توازنا، ولم يتقيد روسكين بهذا النقد فراح يكرر في مجلد إثر مجلد دفاعه عن تيرنر وتمجيده له حتى كاد يخصص لتيرنر ثلث كتابه ذي الألفي صفحة. وأخيرا كسب معركته وعاش حتى رأى فنانه المحبوب وقد اعترف به الجميع كواحد من أعظم المبدعين في الفن الحديث.

وفي هذه الأثناء مات تيرنر (١٩ ديسمبر ١٨٥١) وتم دفنه في مقبرة كنيسة القديس بول، وكان قد أوصى بأن تكون أعماله الفنية للأمة - ٣٠٠ سكتش، ٣٠٠ لوحة بالألوان المائية، ١٩،٠٠٠ تخطيط (رسوم تخطيطية) وترك ١٤٠،٠٠٠ جنيه إسترليني لإنفاقها على الفنانين الفقراء (حصل أقرباؤه الأحياء بعد موته على قرار ببطلان الوصية وقسموا الأموال بين أنفسهم ومحاميهم) وربما كان أعظم تراثه هو اكتشافه للضوئية (نزعة في التصوير الحديث)، وفي هذا الجيل نفسه صاغ توماس يونج Young نظريته عن الأمواج الضوئية، لقد نشر تيرنر عبر أوروبا رسومه التي طبق فيها هذا الأسلوب (الضوئي) وكذلك لوحاته بالألوان