والزهور؛ ولا يكون بنا حاجة إلى سؤال أحد يهبنا هذه الأشياء؛ كلا ولا بنا أن ندفع سناً (مليماً) واحداً لنظفر بها، لأن هذه الأشياء لا يملكها إنسان بعينه، إن أولئك الذين يستطيعون أن يستمتعوا بجمال السماء من فوقهم، وجمال الأرض من تحتهم، ليس بهم حاجة إلى أن يغبطوا الأغنياء على رفاهية عيشتهم، لأنهم عندئذ يكونون أغنى من أغنى الناس؛ إن مشاهد الطبيعة في تغير دائم، فلست تجد صباحين أو مساءين على أتم تشابه … ففي لحظة ما قد يحس الإنسان كأن جمال الدنيا بأسره قد انمحى؛ لكن ما هو إلا أن يأخذ الثلج في السقوط، وينهض الإنسان من نومه في الصباح التالي، ليجد القرية والجبال قد تحولت إلى فضة، وتدب الحياة في الأشجار التي كانت عارية، إذ يعود إليها بأزهارها … إن الشتاء يشبه نعاس الليل، الذي يجدد لنا القوة والنشاط.
إنني أحب الزهر، فأنهض من نومي مبكراً
وأحب القمر، فآوي إلى مخدعي متأخراً ....
إن الناس يجيئون ويروحون كأنهم مجاري الماء العابرة
أما القمر فباق على طول العصور
لقد كان تأثير الكونفوشيوسية على التفكير الفلسفي في اليابان أشد منه في الصين نفسها، لأنه قضى هناك على كل مقاومة من فريق الثائرين من جهة، كما قضى على المثاليين المتصوفين من جهة أخرى؛ إن مدرسة "شوشي" التي كان من رجالها "سيجوا" و "رازان" و "إكن"، التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى "شوهسي" لأنها اتبعت طريقته في تفسير الكتب الصينية التي تحتوي على المتون، تفسيراً توخى فيه التزام الأصل وعدم الحرية في التصرف، ولقد نهضت مدرسة أخرى ظلت تقاومها حيناً، هي مدرسة "أويومي" التي كان على رأسها "وانج يانج منج"(١) الذي عرفه "نيبون" باسم "أويومي"
(١) راجع ما جاء عنه في هذا الجزء الخاص بالمدينة في الصين من هذه السلسلة.